أبدًا تضيق بك الأسواق، لكن إذا كنت لا تضمر لإخوانك المسلمين إلا المحبة والولاء فإنك سوف تكون مسرورًا بكل من تلاقيه من المسلمين، لأنك تلاقي من تحب ومن تتولاه ويتولاك، فهذه أيضًا فيها راحة نفسية لا توجد في كل إنسان يكره الناس ويبغضهم.
فإذا قال قائل: إذا كان في الإنسان ما يوجب المودة والمحبة ما يوجب البغضاء والعداوة ما العمل؟
نقول: إن الله قال: {وزنوا بالقسطاس المستقيم} [الإسراء: 35]. أحببه بما معه مما يقتضي المحبة واكرهه بما معه مما يقتضي الكراهة ولا تغلب جانبًا على جانب، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لا يفرك مؤمن مؤمنة- يعني: لا يبغضها على سبيل الإطلاق- إن كره منها خلقًا رصي منها خلقًا آخر".
هكذا الميزان لا تكاد تجد أحدًا يسلم مما يوجب الكراهة إلا نادرًا، لكن قارن بين هذا وهذا وأعط كل شيء حكمه.
ومن فوائد الحديث: منع الإنسان من كل ما يؤدي إلى الميسر والمقامرة، لماذا؟ لأن هذه الموانع كلها فيها خطر وغرر، قد يكون الإنسان فيها غانمًا وقد يكون فيها غارمًا، وإذا اعتاد الإنسان هذا النوع من المعاملات طمعت نفسه وصار يتعامل بمثل هذه المعاملات المبنية على الخطر والغرر حتى تؤدي إلى معاملات أكبر، ولهذا كثيرًا ما يفتقر أصحاب القمار في ليلة، تجد هذا الرجل مثلاً عنده ملايين فيقامر فيغلب، يغلب أول ضربة بمليون، فيقول: ألعب ثانيًا لأجل أن أرجع المليون فيضرب ضربة أخرى بمليونين يقول: ألعب ثالثًا حتى أرجع ثلاثة، ولكن يضرب بضربة قاصمة ثلاثة ملايين، ولو كان عنده مائة مليون يصرفها في ليلة، بعد ما كان غنيًا يصبح فقيرًا، وهذه البيوع لا تظن أنها هينة، إذا اعتادت النفس على هذه المكاسب المبنية على الغرر والخطر صارت تتطلع إلى ما هو أعظم وأكبر ووقعت في الميسر الذي هو قرين الخمر في كتاب الله، بل قرين عبادة الأصنام في كتاب الله: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} [المائدة: 90].
788 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر". رواه أحمد، وأشار إلى أن الصواب وقفه.
وهو كذلك الظاهر أنه موقوف، "لا تشتروا السمك في الماء"، وعلل ذلك بأنه غرر، السمك