إذن أنا ربما أقول: إذا أنكرت عليّ فعله وقلت: إنه حرام - أنا أيضًا أنكر عليك أقول: لماذا تحرمه والأصل الحل؟ لماذا تمنع عباد الله مما خلق الله؟ فمشكلة هذه أننا نحن الآن هنا في السعودية لا أحد من علمائنا فيما أعلم يقول: إن الدخان حلال، وعلى هذا فلو جاء عاميّ يقول: أنا والله أقلد ناسًا آخرين خارج المملكة لا يحرمونه لا نقره على ذلك؛ لأن العامي ليس أهلًا للاجتهاد، لكن لو يأتي واحد طالب علم من بلاد أخرى يقول: أنا ما تبين لي التحريم فلا ننكر عليه؛ لأنه ليس عندنا نص يقول: إن الدُّخان حرام، تحريمه داخل في عمومات، والرسول صلى الله عليه وسلم لما نهى عن أكل البصل قال الصحابة: إنها حرَّمت أنها حرمت، فقال: "إنه ليس لي تحريم ما أحل الله"، عمر رضي الله عنه لما قالوا: إنهم يأخذون من أهل الذمة الخراج أو الجزية يأخذون خمرًا ويبيعونه ويدخلون ثمنه في بيت المال نهاهم قال: ولُّوهم بيعها وخذوا أثمانها، بيع الخمر بالنسبة للمسلمين حرام، أمَّا بالنسبة للذمي حلال، اجعلوهم يبيعون الخمر؛ لأنهم يعتقدون حلها وخذوا أثمانها منهم مع أني الآن أعلم أن هذا الرجل باع الخمر وأخذت الثمن -ثمن الخمر -وجعلته في بيت المال يقاس على الخمر ما يشبهه أو أشد ضررًا منه مثل الأفيون والحشيش والمخدرات، وهل يقاس عليه الدُّخان أو لا؟ هو لا يسكر وأظنه أيضًا لا يخدر لكنه يدخل فيما يأتي في بيع الميتة أو الخنزير لكنه في بيع الميتة ألصق.
قال: "والميتة"، يعني: حرم بيع الميتة، وهذا كما نعلم لفظ عام؛ لأنه مفرد محلى بـ "أل"، والأصل في المفرد المحلى بـ "أل" أنه للاستغراق، عام لأنه لا يخرج عن الاستغراق إلا بدليل مثل أن يكون للعهد، أو لبيان الحقيقة.
إذن فكل ميتة فبيعها حرام، إذن لدينا عمومات عموم لجميع الميتات حيث قلنا "كل ميتة بيعها حرام" وعموم الميتة نفسها حيث قلنا: "كل الميتة بيعها حرام"، أما الأول وهو العموم في أعيان الميتات فهذا يستثنى منه شيء يستثنى منه ما كان ميتته حلالًا، مثل: السمك والجراد فإن بيعها حلال.
فإن قال قائل: أين الدليل على إخراج هذا من العموم؟
قلنا: الدليل: أولًا: السُّنة، وثانيًا: المعنى، أما السُّنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سياق هذا الحديث: "إن الله إذا حرم شيئًا حرم ثمنه"، فعلم من هذا التعليل أن الميتة التي يحرم بيعها هي