ولهذا ذكروا الطهارة، ثم الصلاة، ثم الزكاة، ثم الصيام، ثم الحج على الترتيب الذي جاء في حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإسلام.
ثم قال المؤلف: "باب المياه" جمعها باعتبار مصادرها؛ لأن المياه إما مياه بحار، أو غمام، أو آبار، فلهذا جمع، فمياه الأمطار التي تأتي من المطر كالأودية والغدران وما أشبه ذلك، مياه البحار معروفة وكذلك مياه الآبار، وربما نضيف أيضا مياه الأنهار فجمعها المؤلف وإلا فالأصل أن الماء جنس واحد لا يجمع لكن باعتبار مصادره وأنواعه ذكرها بالجمع، (والمياه)؛ هي ذلك الجوهر الساكن، وهو من أسهل الأمور تناولا، وهي أغلاها عند الحاجة إليه، ربما يكون الفنجان الواحد عند الحاجة إليه يساوي مئات الدراهم؟ إذن هو غال رخيص؛ ولهذا قال العلماء: لو أن إنسانا أتلف قربة من الماء في مفازة قيمتها هناك خمسمائة درهم وقيمتها في البلد درهمان فهل يضمن خمسمائة درهم أو درهمين؟ يضمن بالأول؛ لأنها غالية في مكانها.
1 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر:
أبو هريرة هو أكثر الصحابة رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم لأنه اعتنى بالحديث وحفظه وصار متفرغا وإلا فإننا نعلم أن أبا بكر رضي الله عنه أكثر تلقيا من أبي هريرة بالنسبة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأنه أكثر ملازمة منه، لكن أبا بكر رضي الله عنه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم التحديث عنه قليل؛ لأن الناس يأخذون عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة بدون واسطة، وبعد موته تعلمون أن أبا بكر رضي الله عنه اشتغل بأعباء الخلافة وتدبير الدولة، والناس أيضا يهابون أن يشغلوه بالتلقي عنه وهو لا يتفرغ لهم؛ فلهذا كان أقل بكثير مما نقل عن أبي هريرة؛ ولهذا لو سئلنا أيهما أكثر حديثا أب هريرة أو أبو بكر؟ نقول: أما بالنسبة للتلقي عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أبو بكر لا شك عندنا في هذا، أما بالنسبة لنقل الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو أبو هريرة رضي الله عنه.
"قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في البحر": "في البحر" هذا من كلام ابن حجر رحمه الله ليس من كلام أبي هريرة، ولا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، لكن المؤلف - كما تعلمون- جعل هذا كتابا مختصرا