681 - وعنه رضي الله عنه قال: "كان الفضل بن عباس رضي الله عنه رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فجاءت امرأةٌ من خثعم، فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه وجعل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشِّقِّ الآخر. فقالت: يا رسول الله، إنَّ فريضة الله على عباده في الحجِّ أدركت أبي شيخًا كبيرًا، لا يثبت على الرَّاحلة، أفأحجُّ عنه؟ قال: نعم، وذلك في حجَّة الوداع" (). متَّفقٌ عليه، واللفظ للبخاريِّ.
"الفضل"، أكبر من عبد الله قوله رديف أي: فعيل بمعنى فاعل؛ أي: رادفه، أي: راكب معه على الناقة، قوله: "جاءت امرأة" هذه مبهمة، ولا يهمنا أن تكون مبهمة أو معينة؛ لأن المقصود هو القضية "فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه"، "جعل" هذه من أفعال الشروع ذكرها ابن مالك في باب أفعال المقاربة، وقوله: "ينظر إليها وتنظر إليه" هل إليها إلى جسمها أو إلى وجهها؟ يحتمل أن المراد: إلى وجهها، وأن المراد: إلى ذاتها يعني: جسمها وهيئتها؛ لأن المرأة ينظر إليها من الناحيتين، والأجسام تختلف في النساء: فيهن الطويلة والقصيرة والعريضة والمتوسطة والدقيقة .... وهكذا.
وقوله: "وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشّق الآخر"، أي: إلى الجانب الآخر، كلما نظر صرفه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الجانب الآخر، وقولها: "إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخًا" يعني: الآية أو النص الذي فيه الفريضة حصل بعد أن بلغ والدها الشيخوخة، وقولها: - "أفأحج عنه؟ "، يعني: حجة الفريضة، قال: "نعم" يعني: حجي عنه.
هذا الحديث كما رأيتم في حجة الوداع، وحجة الوداع هي الحجة التي حجها النبي صلى الله عليه وسلم آخر عمره ولم يحج قبلها بعد هجرته، وهل حج قبل الهجرة؟ هناك حديث رواه الترمذي بسند فيه نظر أنه حج مرتين () "، والظاهر أنه حج عدة مرات؛ لأن المعروف في السير أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى الموسم - موسم الحج - فيعرض نفسه على القبائل ويدعوهم إلى الله عز وجل، وسميت حجة الوداع، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيها: "لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا"، وهذا كالمودع للناس؛ ولهذا لم يبق بعدها النبي صلى الله عليه وسلم إلا مدة وجيزة حتى توفاه الله عز وجل.
هذا الحديث يقول: أن الفضل كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك حين دفع من مزدلفة إلى منى يوم العيد، والنبي صلى الله عليه وسلم أردف في دفعه من عرفة إلى مزدلفة أسامة بن زيد، وأردف في دفعه من مزدلفة إلى منى الفضل بن العباس، وهؤلاء ليسوا من كبار القوم أسامة ابن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم