والحاصل: أن لدينا ثلاثة أشياء:

اعتكاف في العشر الأواخر من رمضان؛ فهذا مشروع ومسنون، حتى إن الإمام أحمد قال: لا أعلم خلافًا بين العلماء أنه مسنون. هذا واحد.

ليلة القدر

الثاني: أن يتقدم إلى المسجد بنية الاعتكاف فهذا جائز، لكننا لا نطلبه من الناس، فلا نقول للناس: افعلوا أنا أخبر عما أراه عسى أنا أتجاسر وأقول: إنه من الجائز، ولولا حديث عمر لقلت إنه من غير الجائز؛ لأن هذه عبادة ما فعلها الرسول إلا في رمضان طلبًا لليلة القدر، لكن حديث عمر يدل على جوازها حتى في غير رمضان.

الحالة الثالثة: أن يأتي إلى المسجد لا للاعتكاف لكن ينوي الاعتكاف؛ لأنه جاء ليصلي أو ليطلب العلم فهذا ليس بمشروع قطعًا، ولا ينبغي لنا أن نوجه الناس إلى ذلك، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرشد منتظر الصلاة إلى هذا، وهو من الأمور التي تعزف عن الخاطر فلا تكون للإنسان على بال إطلاقًا، لو كانت من الأمور التي ينتقل الذهن إليها بسهولة إذا جاء إلى المسجد وينويها بسهولة قلنا: الرسول سكت عن ذلك؛ لأن هذا أمر معلوم أو أمر غالب، فلما لم يكن من الأمور الغالبة ولا من الأمور التي ينتقل إليها الذهن ولا أرشد إليها الرسول صلى الله عليه وسلم فإننا لا نطلب من الإنسان أن يفعلها ونحن في شك من كونها بدعة، فلهذا لا نحبذ الدعوة إليها وإن كان بعض العلماء- رحمهم الله- يرون أن هذا من الأمور المستحبة ويقول: ينبغي لمن دخل المسجد- ولو ليجلس خمس دقائق أن ينوي الاعتكاف مدة لبسه فيه. أما مسجد الجامع فإننا نقول: لا شك أن الأفضل لمن يتخلل اعتكافه جمعة أن يكون في المسجد الجامع، أما إذا لم يتخلل اعتكافه جمعة فإن تفضيل الجامع على غيره لا ينبغي على سبيل الإطلاق، بل يقال: إن كان هناك مصالح فإنه ينبغي أن يقدم ما فيه مصالح، سواء كان هو الجامع أو غير الجامع.

ليلة القدر:

670 - وعن ابن عمر رضي الله عنه: "أنَّ رجالًا من أصحاب النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام، في السَّبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى رؤياكم قد تواطأت في السَّبع الأواخر، فمن كان متحرِّيها فليتحرَّها في السَّبع الأواخر". متَّفقٌ عليه.

671 - وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال في ليلة القدر: "ليلة سبعٍ وعشرين". رواه أبو داود، والرَّاجح وقفه.

- وقد اختلف في تعيينها على أربعين قولًا أوردتها في "فتح الباري".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015