كتاب الصيام
ذكرنا أن العلماء- رحمهم الله- يجعلون كل جنس كتابًا وكل نوع بابًا وكل بحث فصلًا هذا الغالب، ولهذا كتاب الطهارة فيها أنواع: فيها الوضوء، والمياه، والاستنجاء، والتيمم، والحيض ... إلخ.
كتاب الصيام: فيه ثبوت الشهر، فيه المفطرات، فيه آداب الصيام وما أشبه ذلك.
الصيام في اللغة: الإمساك، قال الشاعر: [البسيط]
خيلٌ صيام وخيلٌ غير صائمةٍ ... تحت العجاج وأخرى تعلك اللَّجما
قوله: "خيل صيام" أي: ممسكة، ومنه قوله تعالى- وكان الأجدر بنا أن نقدمه على البيت- عن مريم: {فقولي إني نذرت للرحمن صومًا} [مريم: 26]. أي: إمساكًا عن الكلام. وقول العامة: صامت عليه الأرض: إذا التأمت عليه وأمسكت.
وأمَّا في الشرع: فهو التَّعبد لله- سبحانه وتعالى- بالإمساك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
هل بين المعنى الشرعي والمعنى اللغوي علاقة؟ نعم؛ لأن كلَّا منهما إمساك، لكن الصيام الشرعي إمساك عن شيء معين، فقولنا: "التعبد لله" هذا أمر لا بد منه، ولذلك يذكر هذا في كل تعريف للعبادة، فالصلاة مثلًا نقول: هي: "التعبد لله تعالى بأقوال وأفعال معلومة"، والزكاة "التعبد لله ببذل المال المخصوص إلى جهة مخصوصة" وهكذا.
الصيام مرتبته من الإسلام: أنه أحد أركانه، وحكمه: أنه فرض بإجماع المسلمين بدلالة الكتاب والسُّنة عليه، قال الله تعالى: {يأيُّها الَّذين ءامنوا كتب عليكم الصيام} [البقرة: 183]. أي فرض، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيتموه فصوموا"، والأمر للوجوب، فصيامه واجب بالكتاب والسُّنة وإجماع المسلمين إجماعًا قطعيًا لم يختلف فيه اثنان لا سنيهم ولا بدعيهم، ولهذا نقول: من أنكر وجوبه كفر إذا كان عائشًا بين المسلمين؛ لأنه أنكر معلومًا بالضرورة من دين