-[فقه الحديث]-
-[يستفاد من الحديث]-
1 - منع الحائض من الجلوس في المسجد. قال الأبي: وإنما منعت المسجد خوف ما يكون منها من تلويثه بما قد يقع من دم، وجاز للجنب دخوله للأمن من ذلك. وحكى ابن الخطابي عن مالك والشافعي وأحمد جواز دخول الحائض المسجد كعابرة سبيل، ومشهور قول مالك منع دخولها جملة.
قال الشافعية: إن خافت تلويثه، لعدم الاستيثاق بالشد، أو لغلبة الدم حرم العبور بلا خلاف، وإن أمنت ذلك فوجهان، والصحيح منها جوازه كالجنب وكمن على بدنه ما لا يخاف تلويثه، أما اللبث في المسجد فحرام عليها باتفاق.
2 - جواز مس المرأة زوجها في الاعتكاف لغير لذة، وترجيلها شعره ومناولتها الشيء له، ولا يضر ذلك باعتكافه، وأن المباشرة الممنوعة للمعتكف هي الجماع ومقدماته.
3 - قال ابن بطال: في الحديث حجة على الشافعي في قوله: إن المباشرة مطلقا تنقض الوضوء.
وقال الحافظ ابن حجر: لا حجة فيه، لأن الاعتكاف لا يشترط فيه الوضوء وليس في الحديث أنه عقب ذلك الفعل بالصلاة.
4 - أن جسد الحائض وعرقها وثوبها طاهر ما لم تصبه نجاسة، إذ لو كان نجسا لم يقرأ القرآن في حجرها، لأنه من الثابت تنزيه القرآن عن قراءته في المحل النجس. قال في المرقاة: وما نسب لأبي يوسف من أن بدنها نجس غير صحيح.
5 - واستدل به بعضهم على جواز حمل الحائض للمصحف، ونزل قراءة الرجل في حجرها بمنزلة المصحف، باعتبار أن القرآن في جوف القارئ، كما هو في جوف المصحف. واستند إلى ما روي عن ابن عباس أنه قرأ قرآنا وهو جنب، فقيل له في ذلك، فقال: في جوفي أكثر مما قرأت.
والحق أن هذا التنزيل في غاية البعد، لأنه إن كان على سبيل التشبيه فهو تشبيه معكوس، تشبيه محسوس بمعقول، وإن كان على سبيل القياس فشروطه غير موجودة.
ومسألة مس المصحف وحمله، للحائض والجنب متشعبة، طويلة الذيل في كتب الفروع، وأساس المنع قوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} [الواقعة: 79] وما رواه الدارقطني في سننه بسند صحيح متصل عن أنس "خرج عمر بن الخطاب متقلدا السيف، فدخل على أخته وزوجها خباب، وهم يقرءون سورة طه. فقال: أعطوني الكتاب الذي عندكم فأقرؤه. فقالت له أخته: إنك رجس {لا يمسه إلا المطهرون} فقم، فاغتسل، أو توضأ، فقام وتوضأ، ثم أخذ الكتاب". وما رواه الدارقطني بسند صحيح عن سالم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يمس القرآن إلا طاهر".