يعبرها له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق بتعبيرها من غيره، فلما طلب أبو بكر تعبيرها كان ذلك خطأ، فقال له: "أخطأت بعضها" لهذا المعنى، فقد أخطأ في مبادرته بتفسيرها قبل أن يأمره به، وتعقبه النووي، فقال: هذا فاسد لأنه صلى الله عليه وسلم قد أذن له في ذلك وقال: اعبرها وحاول الحافظ ابن حجر أن يدافع عن ابن قتيبة، فقال: مراد ابن قتيبة أنه لم يأذن له ابتداء بل بادر هو، فسأل أن يأذن له في تعبيرها فأذن له، فكأنه قال: أخطأت في مبادرتك للسؤال أن تتولى تعبيرها لا أنه أراد: أخطأت في تعبيرك لكن في إطلاق الخطأ على ذلك نظر، لأنه خلاف ما يتبادر للسمع من جواب قوله: هل أصبت؟ فإن الظاهر أنه أراد الخطأ في التعبير والإصابة فيه، لا لكونه التمس التعبير، ومن هنا قال ابن التين وغيره الأشبه بظاهر الحديث أن الخطأ في تأويل الرؤيا، أي أخطأت في بعض تأويلك. قال الحافظ ابن حجر: ويؤيده تبويب البخاري للحديث بقوله: باب من لم ير الرؤيا لأول عابر، إذا لم يصب.

ومثل هذا التعقيب يصلح تعقيبا لقول ابن هبيرة: إنما كان الخطأ لكونه أقسم ليعبرنها بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولو كان الخطأ في التعبير لم يقره عليه، وترد الفقرة الأخيرة بأنه صلى الله عليه وسلم لم يفصح عن الخطأ لمصلحة أهم، أو لدرء المفسدة، والمفسدة في ذلك ما علمه صلى الله عليه وسلم من سبب انقطاع الحبل بعثمان، وهو قتله، وتلك الحروب والفتن المترتبة عليه، فكره ذكرها خوف شيوعها.

وقيل: أخطأ لكون المذكور في الرؤيا شيئين: السمن والعسل، ففسرهما بشيء واحد، وكان ينبغي أن يفسرهما بالقرآن والسنة، ذكر ذلك ابن التين عن الطحاوي، وحكاه الخطيب عن أهل العلم بالتعبير وجزم به ابن العربي.

وقد اختلف في المراد بالقطع والوصل، فقيل: القطع قتل عثمان والوصل بولاية علي، ورد بأن عمر قتل، ولم يكن قطعا، وولي عثمان وليس وصلا، وقيل: ما اتهم به عثمان وقيل عنه ومحاولة خلعه، والوصل شهادته.

ويعجبني قول الحافظ ابن حجر: وجميع ما تقدم من لفظ الخطأ والتوهم والتأديب وغيرها، إنما أحكيه عن قائله، ولست راضيا عنه، ولا بإطلاقه في حق الصديق. اهـ.

واعتذر الكرماني عن هذا البحث، فقال: إنما أقدموا على تبين موطن خطأ أبي بكر مع كون النبي صلى الله عليه وسلم لم يبينه، لأنه كان يلزم من تبيينه مفسدة إذ ذاك، فزالت بعده، مع أن جميع ما ذكره، إنما هو بطريق الاحتمال، ولا جزم في شيء من ذلك.

26 - ومن ملحق الرواية الثامنة عشرة الحث على علم الرؤيا.

27 - والسؤال عنها. قال النووي: قال العلماء: وسؤالهم محمول على أنه صلى الله عليه وسلم يعلمهم تأويلها، وفضيلتها، واشتمالها على ما شاء الله تعالى من الغيب.

28 - ومن الرواية العشرين قال ابن بطال: فيه تقديم ذي السن في السواك، ويلتحق به الطعام والشراب والمشي والكلام، قال المهلب: هذا ما لم يترتب القوم في الجلوس فإذا ترتبوا فالسنة حينئذ تقديم الأيمن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015