29 - وفيه أن استعمال سواك الغير ليس بمكروه، إلا أن المستحب أن يغسله، ثم يستعمله، قال الحافظ ابن حجر: وفيه حديث عن عائشة في سنن أبي داود، قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيني السواك، لأغسله، فأبدأ به، فأستاك، ثم أغسله ثم أدفعه إليه"، وهذا دال على عظيم أدبها، وكبير فطنتها، لأنها لم تغسله ابتداء حتى لا يفوتها الاستشفاء بريقه صلى الله عليه وسلم، ثم غسلته تأدبا وامتثالا، ويحتمل أن يكون المراد بأمرها بغسله تطييبه وتليينه بالماء قبل أن يستعمله.
وعندي أن استعمال سواك الغير مكروه، خوف انتقال الأمراض عن طريقه، ولا يقاس على سواك الرسول صلى الله عليه وسلم.
30 - ومن الرواية الواحدة والعشرين تسمية المدينة "يثرب" وهو اسمها في الجاهلية، وسماها الله تعالى المدينة، وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم: طيبة وطابة، وقد جاء في حديث النهي عن تسميتها "يثرب" لكراهة لفظ التثريب، ولأنه من تسمية الجاهلية وتسميتها في هذا الحديث "يثرب" قيل: يحتمل أن هذا كان قبل النهي، وقيل: لبيان الجواز، وأن النهي للتنزيه، وليس للتحريم، وقيل: خوطب به من يعرفها به، ولهذا جمع بينه وبين اسمها الشرعي، فقال "المدينة يثرب".
31 - وأن كسر السيف في المنام قد يكون شرا، وإنذارا بشر. قال النووي: لأن سيف الرجل أنصاره، الذين يصول بهم، كما يصول بسيفه، وقد يفسر السيف في غير هذا بالولد، والوالد، والعم والأخ أو الزوجة، وقد يدل على الولاية، أو الوديعة، وعلى لسان الرجل وحجته، وقد يدل على سلطان جائر، وكل ذلك بحسب قرائن تنضم لتشهد لأحد هذه المعاني، في الرائي أو في الرؤية.
32 - ومن قوله صلى الله عليه وسلم "ولئن أدبرت ليعقرنك الله" علم من أعلام النبوة، فقد كان مصير مسيلمة الكذاب العقر والقتل، إذ تولى وكفر.
33 - ومن قوله "وهذا ثابت يجيبك" استعانة الإمام بأهل البلاغة، في جواب أهل العناد ونحو ذلك.
34 - وأن السوار وسائر أنواع الحلي اللائقة بالنساء، تعبر للرجال بما يسوؤهم ولا يسرهم.
35 - وأن النفخ لما لا يليق تغلب عليه، وانتصار على الأعداء قال ابن بطال: يعبر بإزالة الشيء المنفوخ بغير تكلف شديد لسهولة النفخ على النافخ، ويعبر بالكلام.
36 - وفي ذهاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مسيلمة توجه الإمام بنفسه إلى من يريد استئلافه وإقامة الحجة عليه، وإنذاره، إذا كان في ذلك مصلحة للمسلمين.
37 - ومن التمثيل بالعصا، وقطعة الجريد، ضرب المثل بالتافه، على المستحيل.
38 - وفي الحديث منقبة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تولى نفخ السوارين بنفسه، حتى طارا، فأما الأسود فقتل في زمنه وأما مسيلمة فقد قتله أبو بكر الصديق، فقام مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.
39 - ومن الرواية الواحدة والعشرين والثالثة والعشرين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجيد تعبير الرؤيا، لأن الإكثار من هذا القول لا يصدر إلا ممن تدرب فيه، ووثق بإصابته.