(وهذا ثابت يجيبك عني) إن أردت الجدل والنقاش فهو خطيبي الذي أفوضه في إجابة الوفود عن خطبهم وتشدقهم.
(بينا أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب) في الرواية الثالثة والعشرين "فوضع في يدي إسوارين من ذهب" والسوار بكسر السين، ويجوز ضمها، حلقة تلبس في المعصم للحلية، وجمعه أسورة، وجمع الجمع أساور، وأساورة، بفتح الهمزة وكسر الواو، والإسوار بكسر الهمزة وسكون السين لغة في السوار، وفي الرواية الثالثة والعشرين "فوضع في يدي إسواران" قال عنها النووي: وقع في جميع النسخ "فوضع في يدي إسوارين" فيكون "وضع" بفتح الواو والضاد، وفيه ضمير الفاعل، أي وضع الآتي بخزائن الأرض في يدي إسوارين، فهذا هو الصواب، وضبطه بعضهم "فوضع" بضم الواو، وهو ضعيف، لنصب "إسوارين" وإن كان يتخرج على وجه ضعيف، وقوله "يدي" هو بتشديد الياء على التثنية، وفي الرواية الثالثة والعشرين "بينا أنا نائم أتيت خزائن الأرض" قال النووي: وفي بعض النسخ "أتيت بخزائن الأرض" وفي غير مسلم "مفاتيح خزائن الأرض" قال العلماء: هذا محمول على سلطانها وملكها وفتح بلادها، وأخذ خزائن أموالها، وقد وقع ذلك كله ولله الحمد.
(فأهمني شأنهما) وفي الرواية الثالثة والعشرين "فكبرا علي، وأهماني" وفي رواية للبخاري "فكبر علي" أي عظم أمرهما ووضعهما في يدي، وأدخلا في نفسي حزنا وهما، لكون الذهب من حلية النساء ومن حلي ملوك الكفار.
(فأوحي إلي في المنام أن انفخهما، فنفختهما فطارا) قال النووي: والنفخ بالخاء، ونفخه صلى الله عليه وسلم إياهما فطارا، دليل لانمحاقهما، واضمحلال أمرهما، اهـ وفي رواية "فذهبا" زاد في رواية "فوقع واحد باليمامة، والآخر باليمن" وفي نفخهما إشارة إلى حقارة أمرهما، لأن شأن الذي ينفخ فيذهب بالنفخ أن يكون في غاية الحقارة، نعم كان أمرهما وحربهما في غاية الشدة لكن الحقارة المعنوية قائمة بهما.
قال العلماء: والوحي إليه صلى الله عليه وسلم بنفخهما يحتمل أن يكون من وحي الإلهام أو على لسان الملك والله أعلم.
(فأولتهما كذابين يخرجان من بعدي) قال القاضي عياض: لما كان رؤيا السوارين في اليدين جميعا من الجهتين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ بينهما، أول السوارين عليهما، لوضعهما في غير موضعهما، لأنه ليس من حلية الرجال، وكذلك الكذاب يضع الخبر في غير موضعه. اهـ.
وقال القرطبي: مناسبة هذا التأويل لهذه الرؤيا أن أهل صنعاء وأهل اليمامة كانوا أسلموا فكانوا كالساعدين للإسلام فلما ظهر فيهما الكذابان وبهرجا على أهلهما بزخرف أقوالهما ودعواهما الباطلة انخدع أكثرهم بذلك فكان اليدان بمنزلة البلدين، والسوارن بمنزلة الكذابين. اهـ.
فالأسواد العنسي ظهر في صنعاء، وادعى النبوة، وعظمت شوكته، وحارب المسلمين، وفتك بهم، وغلب على البلد، وآل أمره إلى أن قتل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ومسيلمة ادعى النبوة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم تعظم شوكته، ولم تقع محاربته إلا في عهد أبي بكر، وأجيب عن هذا الإشكال بجوابين: الأول