ويضاف إليه بقية الأعداد الواردة، وأطال الحافظ ابن حجر في توجيه المناسبات بين الأعداد الواردة وبين الواقع، مما لا يتسع له هذا المقام.
(والرؤيا ثلاثة) ظاهره أنه مرفوع، وكذا أخرجه الترمذي والنسائي من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن سيرين عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرؤيا ثلاث فرؤيا حق، ورؤيا يحدث بها الرجل نفسه، ورؤيا تحزين من الشيطان" لكن جاء في البخاري عن عوف قال: حدثنا محمد بن سيرين أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة، وما كان من النبوة فإنه لا يكذب"- قال محمد: وأنا أقول: هذه - قال: وكان يقال: (الرؤيا ثلاث، حديث النفس، وتخويف الشيطان، وبشرى من الله .. ) مما يوهم أنه مدرج، والصحيح أنه مرفوع.
(فرؤيا الصالحة بشرى من الله) كذا في الأصول "فرؤيا الصالحة" من إضافة الموصوف إلى صفته، كقولهم: مسجد الجامع، أي فالرؤيا الصالحة بشرى من الله.
(ورؤيا تحزين من الشيطان) وعند ابن ماجه "أهاويل من الشيطان ليحزن ابن آدم" وعند البخاري "وتخويف الشيطان".
(ورؤيا مما يحدث المرء نفسه) وعند البخاري "حديث النفس" وعند ابن ماجه "ومنها ما يهم به الرجل في يقظته، فيراه في منامه" قال الحافظ ابن حجر: وليس الحصر مرادا من قوله "ثلاث" لثبوت نوع رابع، وهو تلاعب الشيطان، ونوع خامس، وهو رؤيا ما يعتاده الرائي في اليقظة، كمن كانت عادته أن يأكل في وقت، فنام فيه، فرأى أنه يأكل، وبينه وبين حديث النفس عموم وخصوص، وسابع، وهو الأضغاث، انتهى ويمكن إدراج ما ذكره الحافظ في الأنواع الثلاثة، بشيء من التوسع.
(قال: وأحب القيد، وأكره الغل والقيد ثبات في الدين) في ملحق الرواية قال أبو هريرة: "فيعجبني القيد، وأكره الغل" القيد بفتح القاف حبل ونحوه يجعل في الرجل، والغل بضم الغين وتشديد اللام طوق من حديد أو جلد، يجعل في عنق الأسير أو المجرم، أو في أيديهما، جمعه أغلال، وفي رواية البخاري "قال: وكان يكره الغل في النوم، وكان يعجبهم القيد، ويقال: القيد ثبات في الدين" قال الكرماني: اختلف فيه. هل هو مرفوع؟ أو لا؟ فقال: بعضهم: مرفوع، وقال بعضهم: هو كلام ابن سيرين، وفاعل "كان يكره" أبو هريرة، وقال الطيبي: يحتمل أن يكون مقولا للراوي عن ابن سيرين، فيكون اسم "كان" ضميرا لابن سيرين، وأن يكون مقولا لابن سيرين، واسم "كان" ضمير أبي هريرة، أو النبي صلى الله عليه وسلم اهـ. وفي نهاية الرواية عند مسلم "فلا أدري. هو في الحديث؟ أم قاله ابن سيرين؟ وأخرجه الترمذي وأحمد والحاكم، وفي نهايته" قال أبو هريرة: "يعجبني القيد .. إلخ" وقال الخطيب: المتن كله مرفوع إلا ذكر القيد، والغل، فإنه قول أبي هريرة، أدرج في الخبر، وقال أبو عوانة عن قصة القيد: الأصح أن هذا من قول ابن سيرين، وقال القرطبي: هذا الحديث وإن اختلف في رفعه ووقفه فإن معناه صحيح، لأن القيد في الرجلين تثبيت للمقيد في مكانه فإذا رآه من هو على حالة كان ذلك دليلا على ثبوته على تلك الحالة، وأما كراهة الغل فلأن محله الأعناق نكالا وعقوبة وقهرا، وإذلالا، وقد