الحليمي: إنما كان الرد واجباً لأن السلام معناه الأمان، فإذا ابتدأ به المسلم أخاه، فلم يجبه، فإنه يتوهم منه الشر، فيجب عليه دفع ذلك التوهم عنه. اهـ ولا يكفي السلام سراً، بل يشترط الجهر، وأقله أن يسمع، في الابتداء وفي الجواب، ومن كان بعيداً، بحيث لا يسمع التسليم يجوز السلام عليه إشارة، ويتلفظ مع ذلك بالسلام، ويشترط كون الرد على الفور، ولو أتاه سلام من غائب في ورقة وجب الرد على الفور. قاله النووي. وإرسال السلام مع آخر مشروع، ويجب على الرسول تبليغه، لأنه أمانة، أو وديعة، فإن التزمه الرسول أشبه الأمانة، والأمانة واجبة الأداء، وإن لم يلتزمه أشبه الوديعة، والودائع إذا لم تقبل لم يلزمه شيء، لكن يستحب تبليغها وإذا أتاه شخص بسلام من شخص استحب أن يرد على المرسل والمبلغ، فيقول: وعليك وعليه السلام.

2 - أما لفظهما المطلوب شرعاً فيقول النووي: أقل السلام أن يقول: السلام عليكم، فإن كان المسلم عليه واحداً فأقله: السلام عليك، والأفضل أن يقول: السلام عليكم، ليتناوله وملكيه، وأكمل منه أن يزيد "ورحمة الله" وأيضاً "وبركاته" ولو قال: سلام عليكم أجزأه.

قال: واستدل العلماء لزيادة "ورحمة الله وبركاته" بقوله تعالى، إخباراً عن سلام الملائكة، بعد ذكر السلام {رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت} [هود: 73] وبقول المسلمين كلهم في التشهد: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.

قال: ويكره أن يقول المبتدئ: عليكم السلام، فإن قاله استحق الجواب على الصحيح المشهور، وقيل: لا يستحقه وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقل: عليك السلام، فإن عليك السلام تحية الموتى".

قال: وأما صفة الرد، فالأفضل والأكمل أن يقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، فيأتي بالواو "وعليكم" فلو حذفها جاز، وكان تاركاً للأفضل، ولو اقتصر على "وعليكم السلام" أو على "عليكم السلام" أجزأه، ولو اقتصر على "عليكم" لم يجزه بلا خلاف، ولو قال: "وعليكم" بالواو، ففي إجزائه وجهان لأصحابنا.

قال: وإذا قال المبتدئ: سلام عليكم، أو السلام عليكم، فقال المجيب مثله، سلام عليكم، أو السلام عليكم كان جواباً وأجزأه، قال تعالى {قالوا سلاماً قال سلام} [هود: 69] ولكن بالألف واللام أفضل. اهـ

وقد روى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خلق الله آدم على صورته، طوله ستون ذراعاً، فلما خلقه قال: اذهب، فسلم على أولئك، نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه "ورحمة الله" وفي هذا الحديث تأييد لمن قال: لا يقدم على لفظ السلام شيء، بل يقول في الابتداء والرد: السلام عليك، وتأييد للاقتصار على الإفراد، وتأييد لمن قالها في الرد بدون الواو.

ولو قال المبتدئ: السلام عليكم، بالجمع، فقال المجيب: وعليك السلام، فغير محسن، لأنه لم يرد التحية بمثلها فضلاً عن أحسن منها، ولو زاد المبتدئ "ورحمة الله" زاد المجيب حتى يرد بمثلها أو أحسن منها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015