قالوا: ولو زاد المبتدئ "ورحمة الله وبركاته" أو زاد عليها "ومغفرته" فهل تشرع الزيادة في الرد على ما زاد؟ أخرج مالك في الموطأ عن ابن عباس قال: انتهى السلام إلى البركة، وأخرج البيهقي في الشعب "جاء رجل إلى ابن عمر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومغفرته، فقال: حسبك إلى "وبركاته" انتهى إلى "وبركاته".
وجاء عن ابن عمر الجواز، فعند مالك في الموطأ عنه أنه زاد في الجواب "والغاديات والرائحات" وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن سالم مولى ابن عمر قال: كان ابن عمر يزيد إذا رد السلام، فأتيته مرة، فقلت: السلام عليكم، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، ثم أتيته، فزدت "وبركاته" فرده وزاد "وطيب صلواته" ونقل ابن دقيق العيد عن أبي الوليد بن رشد أنه يؤخذ من قوله تعالى {فحيوا بأحسن منها} [النساء: 86] جواز الزيادة على البركة، إذا انتهى إليها المبتدئ.
وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي بسند قوي، عن عمران بن حصين قال: "جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه، وقال: عشر" -أي عشر حسنات، كما صرح بها في رواية البخاري في الأدب المفرد وصححه ابن حبان- "ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه، وقال: عشرون، ثم جاء آخر، فزاد: وبركاته، فرد عليه، وقال: ثلاثون" وأخرج الطبراني بسند ضعيف "من قال: السلام عليكم كتب له عشر حسنات، ومن زاد: ورحمة الله كتب له عشرون حسنة، ومن زاد: وبركاته كتب له ثلاثون حسنة" قال الحافظ ابن حجر: "وهذه الأحاديث الضعيفة إذا انضمت، قوي ما اجتمعت عليه من مشروعية الزيادة على "وبركاته" واتفقوا على أن من سلم، بقوله: السلام عليكم لم يجزئ في جوابه إلا السلام، ولا يجزئ في جوابه: صبحك الله بالخير، أو صبحك الله بالسعادة ونحو ذلك.
واختلف فيمن أتى في التحية بغير لفظ السلام، كأن قال: مساء الخير مثلاً، هل يجب جوابه، بمثل تحيته؟ فيقول: ومساكم الله بالخير؟ أو بأحسن منها؟ فيقول: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته؟ فيكون في ذلك تعليماً له لما كان ينبغي؟ أو يجمع بينهما؟ وهو الأفضل، فيقول: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومساكم الله بالخير؟ وقال ابن دقيق العيد: الذي يظهر أن التحية بغير لفظ السلام من باب ترك المستحب، وليس بمكروه، إلا إن قصد به العدول عن السلام، إلى ما هو أظهر في التعظيم من أجل أكابر أهل الدنيا. ولو أتى بالسلام بغير اللفظ العربي، هل يستحق الجواب؟ ثلاثة أقوال للعلماء: يجب، لا يجب، يجب الرد على من لا يحسن العربية، لعذره، ولا يجب الرد على من يحسن العربية لتقصيره، وحين الرد يكون باللغة الأجنبية، بمثل المبتدئ لمن يقدر عليها.
3 - أما المواطن التي لا يشرع فيها السلام فقد قال النووي: يستثنى من العموم بابتداء السلام من كان مشتغلاً بأكل أو شرب أو جماع، أو كان في الخلاء، أو الحمام، أو نائماً، أو ناعساً، أو مصلياً، أو مؤذناً مادام متلبساً بشيء مما ذكر، فلو لم تكن اللقمة في فم الآكل مثلاً شرع السلام عليه، ويشرع في حق المتبايعين، وسائر المعاملات، واحتج له ابن دقيق العيد، بأن الناس غالباً يكونون في