(ألهاني عنه الصفق بالأسواق) أي التجارة والمعاملة في الأسواق، وأصل الصفق الضرب باليد ضرباً يسمع له صوت، والصفقة ضرب اليد عند البيع علامة على إنفاذه، وتطلق على البيعة، فيقال: صفقة رابحة أو خاسرة، وفي الرواية الخامسة "سبحان الله إنما سمعت شيئاً، فأحببت أن أتثبت" وفي بعض الطرق أن عمر قال لأبي موسى: "أما إني لم أتهمك، ولكني أردت أن لا يتجرأ الناس على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم" وفي رواية قال عمر لأبي موسى: "والله إن كنت لأميناً على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن أحببت أن أتثبت" قال ابن عبد البر: يحتمل أن يكون حضر عنده من قرب عهده بالإسلام، فخشي أن أحدهم يختلق الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الرغبة والرهبة طلباً للمخرج مما يدخل فيه، فأراد أن يعلمهم أن من فعل شيئاً من ذلك، ينكر عليه حتى يأتي بالمخرج. اهـ فهو من قبيل: إياك أعني واسمعي يا جارة.

(فجعلوا يضحكون) قال النووي: سبب ضحكهم التعجب من فزع أبي موسى وذعره وخوفه من العقوبة، مع أنهم قد أمنوا أن يناله عقوبة أو غيرها، لقوة حجته، وسماعهم ما أنكر عليه.

(أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فدعوت) أي استأذنت وناديت، وفي رواية البخاري "أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في دين كان على أبي، فدققت الباب" وفي رواية "فضربت الباب"، وفي الرواية السابعة "استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم".

(فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ قلت: أنا، فخرج وهو يقول: أنا أنا! ! ) في ملحق الرواية السابقة "كأنه كره ذلك" قال المهلب: إنما كره قول: أنا، لأنه ليس فيه بيان، إلا إن كان المستأذن ممن يعرف المستأذن عليه بصوته، ولا يلتبس بغيره، والغالب الالتباس، وقيل: إنما كره ذلك لأن جابراً لم يستأذن بلفظ السلام، وفيه نظر، لأنه ليس في سياق حديث جابر أنه طلب الدخول، وإنما جاء في حاجته، فدق الباب، ليعلم النبي صلى الله عليه وسلم بمجيئه، فلذلك خرج له، وقال الداودي: إنما كرهه لأنه أجابه بغير ما سأله عنه، لأنه لما ضرب الباب عرف أن هناك ضارباً، فلما قال: "أنا" كأنه أعلمه أن هناك ضارباً، فلم يزده على ما عرف من ضرب الباب، قال الخطابي: وكان حق الجواب أن يقال: أنا جابر، ليقع تعريف الاسم الذي وقعت المسألة عنه، وذكر ابن الجوزي أن السبب في كراهة قول "أنا" أن فيها نوعاً من الكبر، كأن قائلها يقول: أنا الذي لا أحتاج أن أذكر اسمي ولا نسبي، وتعقب بأن هذا لا يتأتى في حق جابر، في مثل هذا المقام، وبأنه لو كان ذلك كذلك لعلمه، لئلا يستمر عليه ويعتاده.

(أن رجلاً اطلع في جحر، في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم) وفي الرواية العاشرة "أن رجلاً اطلع من بعض جحر النبي صلى الله عليه وسلم" "جحر" بضم الجيم وسكون الحاء، وهو كل ثقب مستدير، في أرض أو حائط، و"حجر" بضم الحاء وفتح الجيم، جمع حجرة، وهي ناحية البيت، ووقع في رواية "من جحر في حجرة النبي صلى الله عليه وسلم" بالإفراد.

(ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مدرى، يحك به رأسه) "المدرى" بكسر الميم وسكون الدال وفتح الراء، مقصور، حديدة يسوي بها شعر الرأس، وقيل: هو شبه المشط، وقيل: أعواد تحدد، تجعل شبه المشط، وقيل: هو عود تسوي به المرأة شعرها، وجمعه "مدارى" ويقال في الواحد "مدراة" أيضاً، و"مدراية" أيضاً، يقال: تدريت بالمدرى، والمدرى تذكر وتؤنث، وفي رواية للبخاري "يحك بها رأسه" وفي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015