بطلب دنوه منه، فلما لم يحس بقربه منه طلب زيادة الدنو، حتى التصق به، وحتى وضع ابن عباس يده على رأس الرجل.
(يجعل له بكل صورة صورها نفساً، فتعذبه في جهنم) قال النووي: "يجعل" بفتح الياء، من جعل، والفاعل هو الله تعالى، أضمر للعلم به، قال القاضي: تحتمل أن معناها أن الصورة التي صورها هي تعذبه، بعد أن يجعل فيها الروح، وتكون الباء في "بكل" بمعنى "في" قال: ويحتمل أن يجعل له بعدد كل صورة، ومكانها، شخص يعذبه، وتكون الباء بمعنى لام السبب.
(ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقاً كخلقي؟ ) الاستفهام إنكاري، بمعنى النفي، أي لا أحد أظلم ... و"ذهب" بمعنى قصد، والتشبيه في "كخلقي" في فعل الصورة وحدها، لا من كل الوجوه، فإن الذي خلقه سبحانه وتعالى واخترعه ليس صورة في حائط، بل هو خلق تام.
(فليخلقوا ذرة) بفتح الذال وتشديد الراء، والمراد إيجاد الذرة -أي النملة- حقيقة، لا تصويرها.
(أو ليخلقوا حبة) المراد من الحبة هنا حبة القمح، بقرينة ذكر "الشعيرة" بعدها، أو الحبة أعم من حبة القمح، والغرض تعجيزهم، تارة بتكليفهم خلق حيوان "ذرة" وهو أشد، وأخرى بتكليفهم خلق جماد، وهو أهون، ومع ذلك لا قدرة لهم على ذلك.
(دخلت أنا وأبو هريرة داراً تبنى بالمدينة، لسعيد أو لمروان) بالشك، وفي الرواية الثانية والعشرين "في دار مروان" بدون شك، وهي أولى، وسعيد هو ابن العاص بن سعيد الأموي، وكان هو ومروان بن الحكم يتعاقبان إمرة المدينة لمعاوية.
(لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب ولا جرس) الرفقة بضم الراء وكسرها، والجرس بفتح الراء معروف، وهكذا ضبطه الجمهور، ونقل القاضي أن هذه رواية الأكثرين، قال: وضبطناه عن أبي بحر بإسكانها، وهو اسم للصوت، فأصل الجرس بإسكان الراء الصوت الخفي.
-[فقه الحديث]-
تتعلق هذه الأحاديث بأربع نقاط أساسية:
1 - حكم اتخاذ الصور بأنواعها في البيوت وغيرها.
2 - الملائكة ودخولهم البيوت، وعدم دخولهم، واستصحابهم الرفقة، وعدم استصحابهم.
3 - حكم صنعة التصوير، والعذاب المتوعد به.
4 - ما يؤخذ من الأحاديث من الأحكام.
1 - أما حكم اتخاذ الصور فنعرض أنواعها، ثم نتكلم عن المذاهب في حكمها. فمن أنواعها: