وهي عينها المقصودة في الرواية الرابعة عشرة، بلفظ "دخل النبي صلى الله عليه وسلم علي، وقد سترت نمطاً" أي نشرته، وجعلته ساتراً "فيه تصاوير".
وهي عينها المقصودة في الرواية الخامسة عشرة، بلفظ "عن عائشة أنها نصبت ستراً، فيه تصاوير ... " وكان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم، من عمل عائشة هذا:
(أ) أن أظهر الكراهية، ففي الرواية الثامنة "عرفت الكراهية في وجهه" وفي الرواية الحادية عشرة "فتلون وجهه" وفي الرواية الثانية عشرة "وتلون وجهه".
(ب) أن شد الستر بقوة، فشقه، ونحاه من مكانه، ففي الرواية الثامنة "فجذبه حتى هتكه" أي قطعه، وفي الرواية الحادية عشرة "ثم تناول الستر، فهتكه" وفي ملحقها "ثم أهوى إلى القرام فهتكه بيده" وفي الرواية الثانية عشرة "فلما رآه هتكه" وفي الرواية الرابعة عشرة "فنحاه" وفي الرواية الخامسة عشرة "فنزعه" ولعله أمر عائشة -رضي الله عنها- أن تكمل نزعه وتنحيته، ففي الرواية العاشرة "فأمرني فنزعته".
(جـ) أن قال: "يا عائشة، أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله" كذا في الرواية الثانية عشرة "إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين" كذا في الرواية الثامنة. "إن من أشد الناس عذاباً يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله" كذا في الرواية الحادية عشرة.
(د) كان مآل الستر أن قطع إلى وسادتين، حشتهما عائشة ليفاً، ولم يعب ذلك عليها، صلى الله عليه وسلم، صريح الرواية الثامنة، والثانية عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة، وكان صلى الله عليه وسلم يرتفق على الوسادتين المذكورتين، وفيهما الصور، أي يتكئ عليها على مرفق يده.
أما الرواية التاسعة فالظاهر أنها عن قصة أخرى، سابقة على تلك القصة، فصورتها تمثال طائر، وليس خيلاً، وكان الداخل يستقبلها إذا دخل، وكان موقف الرسول صلى الله عليه وسلم أن أمر بتحويلها عن مكانها، وعلل هذا الأمر بأنها تذكره بزهرة الدنيا وفتنتها، لا بمنع الصور، وتهديد المصورين، قال النووي: هذا محمول على أنه كان قبل تحريم اتخاذ ما فيه صورة، فلهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل، ويراه، ولا ينكره قبل هذه المرة الأخيرة. اهـ
وهذه القصة عينها هي المقصودة بالرواية الثالثة عشرة، وإن عبر فيها بثوب بدل الستر، فالثوب وإن غلب على ما يلبس، لكنه يطلق على اللفة الكاملة من القماش، مختلفة المقدار، فيتخذ ستراً، وعبر فيها بقوله "فيه تصاوير" بدل "فيه تمثال طائر" وبينت مكانه، فقالت "ممدود إلى سهوة" وزادت توضيح مآله، وأنها جعلته وسائد، فالقصة واحدة، ولا تعارض بين ألفاظها.
وأما الرواية السادسة عشرة فالظاهر أنها في قصة ثالثة، كانت الصورة فيها في نمرقة، لا في ستر، والنمرقة بفتح النون وسكون الميم وضم الراء، كذا ضبطها القزاز وغيره، وضبطها ابن السكيت بضم النون أيضاً، وبكسرها وكسر الراء، وقيل في النون الحركات الثلاث والراء مضمومة جزماً، والجمع نمارق وهي الوسائد التي يصف بعضها إلى بعض، وقيل النمرقة الوسادة التي يجلس عليها،