-[المباحث العربية]-

(واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام) "رسول" مفعول مقدم، و"جبريل" فاعل، و"واعد" بمعنى وعد، فليس المقصود مفاعلة من الجانبين، وفي الرواية الثانية "أن جبريل وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم" وفي الرواية الثالثة "إن جبريل كان قد وعدني أن يلقاني" والموعود به في الرواية الأولى والثانية إتيانه، وفي الثالثة لقاؤه، وفي رواية البخاري محذوف، لفظها "وعد جبريل النبي صلى الله عليه وسلم، فراث عليه" أي أبطأ عليه. وفي الرواية الأولى "فجاءت تلك الساعة، ولم يأته" وفي الرواية الثالثة "فلم يلقني" أي في الموعد الذي حدده.

(وفي يده عصا، فألقاها من يده، وقال: ما يخلف الله وعده، ولا رسله) "ولا رسله" بالرفع، عطفاً على لفظ الجلالة، أي ما يخلف الله وعده، ولا يخلف رسله وعدهم، والمقصود من الرسل هنا جبريل وأمثاله من الملائكة. وإلقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم العصا من يده، مظهر من مظاهر الضيق، والظاهر أن الوعد كان ساعة في ليلة، فلما مضى الليل أصبح حزيناً مهموماً، فأمسك بعصا، جعل يضرب أو يخطط بها على رمال الأرض من همه وانشغال فكره، ثم ألقى العصا ضيقاً، كان ذلك صبيحة الليلة الموعودة، وظل يومه دون لقاء، حتى الليل، ففي الرواية الثالثة "أصبح يوماً واجماً" أي منقبضاً "فقالت ميمونة: يا رسول الله، لقد استنكرت هيئتك منذ اليوم" أي منذ صباح اليوم؟ "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن جبريل كان وعدني أن يلقاني الليلة" أي الماضية "فلم يلقني، أم والله ما أخلفني" وعده من قبل ذلك، و"أم" بفتح الهمزة والميم، أصلها "أما" بفتح الميم مخففة، حرف استفتاح، بمنزلة "ألا" وتكثر قبل القسم، وقد تبدل همزتها هاء، أو عيناً قبل القسم، وكلاهما مع ثبوت الألف، وحذفها، أو تحذف الألف مع ترك الإبدال، كما هنا.

(ثم التفت، فإذا جرو كلب تحت سريره، فقال: يا عائشة، متى دخل هذا الكلب ههنا؟ فقالت: والله ما دريت به، ولا بدخوله، ولا أدري متى دخل؟ "فأمر به، فأخرج") أي فأمر بإخراجه، فأخرج، وكان علمه بالكلب وإخراجه آخر النهار، ففي الرواية الثالثة "فظل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومه ذلك على ذلك" الحال "ثم وقع في نفسه" عن طريق سماع حركة أو صوت "جرو كلب، تحت فسطاط لنا، فأمر به، فأخرج، ثم أخذ بيده ماء، فنضح مكانه، فما أمسى لقيه جبريل" قال النووي: الجرو بكسر الجيم وضمها وفتحها، ثلاث لغات مشهورات، وهو الصغير من أولاد الكلب وسائر السباع، والجمع أجر وجراء، وجمع الجراء أجرية. اهـ وإضافة "جرو كلب" من إضافة الصفة إلى الموصوف، كأنه قال: صغير كلب، وأما الفسطاط ففيه ست لغات: فسطاط بطاءين مع ضم الفاء وكسرها، وفستاط بتاء وطاء، مع ضم الفاء وكسرها، وفساط بضم الفاء وتشديد السين، وكسر الفاء مع تشديد السين، والفسطاط قريب من الخباء، وأصله عمود الأخبية، التي يقام عليه الخباء، والمراد منه هنا بعض متاع البيت، وهو السرير، كما في حديث عائشة، وكان السرير في بيت عائشة، فقول ميمونة "لنا" أي معشر نساء النبي صلى الله عليه وسلم، والمراد لإحدانا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015