(ولينعلهما جميعاً، أو ليخلعهما جميعاً) هاتان الجملتان معطوفتان على محذوف مرتبطتان به، ظهر في الرواية الثالثة بلفظ "لا يمش أحدكم في نعل واحدة، لينعلهما جميعاً، أو ليخلعهما جميعاً" وضبط النووي "ينعلهما" بضم الياء من الرباعي، وتعقب بأن أهل اللغة قالوا: نعل -بفتح العين، وحكي كسرها- وانتعل، أي لبس النعل، فهو بفتح الياء من الثلاثي، قال الحافظ: لكن قد قال أهل اللغة أيضاً: أنعل رجله، ألبسها نعلاً، ونعل دابته جعل لها نعلاً، وقال صاحب المحكم: أنعل الدابة والبعير، ونعلهما بالتشديد.
قال ابن عبد البر: ضمير المفعول في "لينعلهما للقدمين، وإن لم يجر لهما ذكر، وهذا مشهور في لغة العرب، وورد في القرآن الإتيان بضمير لم يتقدم له ذكر، لدلالة السياق عليه. اهـ والحاصل أن الثلاثي متعد ولازم، والرباعي متعد، والفعل هنا متعد، فيجوز فتح أوله وضمه.
قال النووي وليخلعهما هكذا هو في جميع نسخ مسلم، بالخاء واللام والعين، وفي صحيح البخاري "فيحفهما" بالحاء والفاء، من الحفاء، وكلاهما صحيح، ورواية البخاري أحسن. اهـ
وفي الرواية الرابعة "إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في الأخرى، حتى يصلحها" أي حتى يصلح شسعها فيمشي فيها، وفي الرواية السادسة "إذا انقطع شسع أحدكم -أو من انقطع شسع نعله- فلا يمش في نعل واحدة، حتى يصلح شسعه" وشرط انقطاع الشسع تصوير خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له، حتى يدل على الإذن في غير هذه الصورة، بل المراد أنه لا يمشي بنعل واحدة، انقطع شسعه أو لم ينقطع، وقد أطلقت الرواية الثالثة، فقالت "لا يمش في خف واحد".
ويمكن أن يكون هذا القيد من مفهوم الموافقة، والتنبيه بالأدنى على الأعلى، لأنه إذا منع مع الاحتياج، فمع عدم الاحتياج أولى.
(فضرب بيده على جبهته، فقال: ألا إنكم تحدثون) بفتح التاء حذف إحدى التاءين وأصله تتحدثون.
(أني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لتهتدوا وأضل) أي لتكون النتيجة إذا صح ما تتحدثون به أن تكونوا من المهتدين، وأكون أنا من الضالين.
(أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ... ) أي أشهد بالله، أي أحلف بالله، واللام في "لسمعت" في جواب القسم.
وقد روى الترمذي عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "ربما انقطع شسع نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمشي في النعل الواحدة، حتى يصلحها" والظاهر أن عائشة قالت هذا الحديث عندما بلغها ما قاله أبو هريرة في حكم المشي بالنعل الواحدة، تريد أن تعلن خلافها لما يقول، فعند الترمذي بسند صحيح عن عائشة "أنها كانت تقول" لأخالفن أبا هريرة، فيمشي في نعل واحدة" قال الحافظ ابن حجر: يمكن أن يكون بلغها أن أبا هريرة حلف على كراهية ذلك، فأرادت المبالغة في مخالفته.