ولا يلتحف ويلتف بثوب ضيق يحيط بجسمه حتى يقيد حركته، وأن لا يقعد على أليتيه وينصب ساقيه ويلفهما بتوب، ليس عليه غيره، فقد ينكشف من هذه القعدة جزء من عورته. وأن لا يستلقي على ظهره أمام الناس ويضع رجلاً مرفوعة على رجل أخرى، مما يعرض عورته للكشف المحرم.
فنعمت هذه الآداب الكريمة، للمحافظة على كرامة المسلم ودينه ومروءته وحب الناس له.
-[المباحث العربية]-
(استكثروا من النعال) جمع "نعل" وهي مؤنثة، تقول: هذه نعل للفردة وللزوج منها، وهذه نعلة للفردة من الزوج، وكانت النعال هي الشائعة عند العرب لوقاية القدم من الأرض، وكانت عبارة عن قطعة من الجلد التخين على قدر باطن القدم، على طرفها سير من الجلد كالحلقة، يدخل فيها إبهام القدم، وتسمى شسع النعل، بكسر الشين وسكون السين، وفوق القاعدة سير أو سيور تحيط بالقدم من أعلى لتربطه بالقاعدة، وهذا السير يسمى شراك النعل، بكسر الشين وفتح الراء مخففة، والنعل بهذا الوصف موجودة مستعملة، ومازالت شائعة في كثير من البلاد العربية، وكثيراً ما ينقطع شسع النعل، أو شراكه، فيختل أو يستحيل أو يصعب المشي فيه، وفي الرواية الرابعة "إذا انقطع شسع أحدكم -أي شسع نعل أحدكم، فعجز عن أن يمشي في تلك النعل- فلا يمش في الأخرى" أي في الفردة السليمة "حتى يصلحها" أي حتى يصلح النعل التي انقطع شسعها، وفي الرواية السادسة "إذا انقطع شسع أحدكم -أي من انقطع شسع نعله- فلا يمش في نعل واحدة، حتى يصلح شسعه" والغاية هنا ليست داخلة في المغيا، إذ المعنى: حتى يصلح شسعه فيمشي في نعلين، وعند أحمد" إذا انقطع شسع أحدكم أو شراكه فلا يمش في إحداهما بنعل، والأخرى حافية" وقد تطلق النعل على الجلدة التي بين القدم والأرض فقط، فيقال: نعل الحذاء، وليس مراداً هنا، وقد يطلق النعل على كل ما يقي القدم من الأرض عند المشي، فتطلق على الحذاء وعلى الخف، وإن عرف الحذاء بالجلد المدبوغ الناعم المغطي للقدم، وعرف الخف بالحذاء الخفيف.
ومعنى أمر الغزاة بالاستكثار من النعال أمرهم بأن ينتعل كثير منهم، أو القادرون منهم، لا أن يكون عند كل منهم كثرة من النعال.
(فإن الرجل لا يزال راكباً ما انتعل) في لفظ "راكباً" استعارة تصريحية تبعية، بتشبيه المنتعل بالراكب بجامع خفة المشقة عليه، وقلة تعبه، وسلامة رجله مما يعرض له في الطريق من خشونة وشوك وأذى ونحو ذلك، بسبب اعتماده على غيره في مشيه، و"ما" في "ما انتعل" ظرفية دوامية، أي مدة انتعاله، أو مادام منتعلاً، ومعنى "انتعل" لبس نعلاً.
(إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى، وإذا خلع فليبدأ بالشمال) في الكلام مجاز المشارفة، أي إذا أشرف على الانتعال وأراد أن يلبس النعل، وإذا أراد أن يخلع النعل، وفي رواية البخاري "إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا انتزع فليبدأ بالشمال، لتكن اليمنى أولهما تنعل، وآخرهما تنزع".