الحديث أنه لم يبعث بها إليه ليلبسها، ويحتمل أن المراد من كسوتنيها أعطيتني ما يصلح أن يكون كسوة، والأول أوجه. وفي الرواية الثامنة "فأقبل بها عمر، حتى أتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله. قلت: إنما هذه لباس من لا خلاق له -أو إنما يلبس هذه من لا خلاق له، ثم أرسلت إلي بهذه"؟ وفي الرواية السابعة عشرة "فجاء عمر يبكي، فقال: يا رسول الله. كرهت أمراً، وأعطيتنيه؟ فما لي"؟ وفي رواية "فجاء عمر بحلته يحملها، فقال: بعثت إلي بهذه، وقد قلت بالأمس -أي في زمن مضى- في حلة عطارد ما قلت .... " وفي رواية عن عمر قال: "فخرجت فزعاً، فقلت: يا رسول الله، ترسل بها إلي؟ وقد قلت فيها ما قلت"؟ .
(إني لم أكسكها لتلبسها) "لم أكسكها" من قبيل المشاكلة لقوله "كسوتنيها" والمراد لم أعطكها لتلبسها، ففي الرواية السابعة "لم أبعث بها إليك لتلبسها، ولكني بعثت بها إليك لتصيب بها" لتصيب بسببها نفعاً لك بأن تلبسها زوجاتك، أو تهبها لمن يلبسها، أو تبيعها فتصيب بها مالاً، وفي الرواية الثامنة "تبيعها، وتصيب بها حاجتك" وفي الرواية التاسعة "إنما بعثت بها إليك لتستمتع بها" وفي ملحقها "إنما بعثت بها إليك لتنتفع بها" وفي الرواية السابعة عشرة "إنما أعطيتكه تبيعه" وفي الرواية الواحدة والعشرين "إنما بعثت بها إليك لتنتفع بثمنها"، وقد أجاب صلى الله عليه وسلم أسامة في الرواية السابعة بقوله "إني لم أبعث إليك لتلبسها، ولكني بعثت بها إليك لتشققها خمراً بين نسائك" أي لتقطعها قطعاً، فتفرقها على نسائك خمراً، والخمر بضم الخاء والميم جمع خمار، بكسر الخاء وفتح الميم مخففة، وهو ما تغطي به المرأة رأسها.
وأجاب صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه بقوله في الرواية الثامنة عشرة "إني لم أبعث بها إليك لتلبسها، إنما بعثت بها إليك لتشققها خمراً بين النساء" وفي الرواية التاسعة عشرة "شققه خمراً بين الفواطم" وفي ملحقها "بين النسوة" وفي الرواية المتممة للعشرين قال علي: "فشققتها بين نسائي"، وفي الرواية الثامنة عشرة "فأطرتها بين نسائي" أي قسمتها بين نسائي، يقال: أطار لي في القسم كذا، أي صار لي كذا، وقد روى الطحاوي عن علي رضي الله عنه في هذه القصة، قال: فشققت منها أربعة أخمرة، خماراً لفاطمة بنت أسد بن هاشم، أم علي، وخماراً لفاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وخماراً لفاطمة بنت حمزة بن عبد المطلب، وخماراً لفاطمة أخرى لم يذكر الراوي اسمها، قال عياض: لعلها فاطمة، امرأة عقيل بن أبي طالب، لاختصاصها بعلي رضي الله عنه بالمصاهرة، وقربها إليه بالمناسبة، وهي بنت شيبة بن ربيعة، وقيل: بنت عتبة بن ربيعة، وقيل: بنت الوليد بن عتبة، وهي من المبايعات، وشهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة حنين.
(فكساها عمر أخاً له مشركاً بمكة) في الرواية السابعة عشرة "فباعه -أي عمر- بألفي درهم" وفي رواية عند النسائي "أخاً له من أمه" وفي رواية للبخاري "فأرسل بها عمر إلى أخ له من أهل مكة قبل أن يسلم" قال النووي: وهذا يشعر بأنه أسلم بعد ذلك، وقال الحافظ ابن حجر: نقل عن ابن الحذاء في رجال الموطأ أن اسمه عثمان بن حكيم. وقال الدمياطي: هو السلمي أخو خولة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقصي، قال: وهو أخو زيد بن الخطاب لأمه، فمن أطلق عليه أنه أخو