واختلف في قوله "حلة سيراء" هل هو بالإضافة من إضافة الشيء لصفته و"حلة" بغير تنوين؟ أو هو عطف بيان أو وصف، و"حلة" بالتنوين. قال النووي: هما وجهان مشهوران، والمحققون ومتقنو العربية يختارون الإضافة، وأكثر المحدثين ينونون، وجزم القرطبي بأنه الرواية.

وفي الرواية الثامنة "حلة من إستبرق" وفي الرواية التاسعة "قباء من ديباج أو حرير" وفي رواية "حلة سندس" قال النووي: فهذه الألفاظ تبين أن الحلة كانت حريراً محضاً، وهو الصحيح الذي يتعين القول به في هذا الحديث جمعاً بين الروايات.

(عند باب المسجد) النبوي، وفي رواية ابن إسحق "أن عمر كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في السوق، فرأى حلة" قال الحافظ ابن حجر: ولا تخالف بين الروايتين، لأن طرف السوق كان يصل إلى قرب باب المسجد. اهـ فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك عمر عند بداية السوق، قبل أن يرى عمر الحلة، ودخل المسجد أو بيته، ودخل عمر السوق.

وفي الرواية السابعة "رأى عمر عطارداً التميمي يقيم بالسوق حلة سيراء -أي يعرضها للبيع- وكان رجلاً يغشى الملوك، ويصيب منهم" وأخرج الطبراني عن حفصة بنت عمر "أن عطارد بن حاجب جاء بثوب من ديباج، كساه إياه كسرى" وفي الرواية التاسعة "أن عمر رأى على رجل من آل عطارد قباء من ديباج أو حرير" والظاهر أن عطارد كان يلبس الحلة في السوق تارة، ويلبسها أحد أقاربه تارة أخرى، وعطارد هذا بضم العين وكسر الراء، هو ابن حاجب بن زرارة بن عدس الدارمي، يكنى أبا عكرشة، وكان من جملة وفد بني تميم، أصحاب الحجرات وقد أسلم، وحسن إسلامه، واستعمله النبي صلى الله عليه وسلم على صدقات قومه، لكنه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتد فيمن ارتد من بني تميم، وتبع سجاح، ثم عاد إلى الإسلام، وهو الذي قال في سجاح:

أضحت نبيتنا أنثى نطيف بها

وأضحت أنبياء الناس ذكرانا

فلعنة الله رب الناس كلهم

على سجاح ومن بالكفر أغوانا

وكان أبوه من رؤساء بني تميم في الجاهلية، وكان يقال له: ذو القوس، لأنه لما قحط مضر، بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم رحل إلى بلاد كسرى، وسأله أن يأذن له بالإقامة حول بلاده، فقال له: إنكم أهل غدر، فمن يضمن لي أن تفي؟ قال: أرهنك قوسي، وهو أغلى سلاحي، ومات حاجب، ورجع عطارد إلى بلاده، بلاد بني تميم، ثم رجل إلى كسرى يطلب قوس أبيه، فردها عليه، وكساه حلة غالبة، فعرضها للبيع.

(فقال: يا رسول الله، لو اشتريت هذه ... ) وفي الرواية السابعة "فقال عمر: يا رسول الله إني رأيت عطارداً يقيم في السوق حلة سيراء، فلو اشتريتها ... " وفي الرواية الثامنة وجد عمر بن الخطاب حلة من إستبرق، تباع بالسوق، فأخذها، فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ... " وفي الرواية العاشرة "فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم ... ".

والظاهر أن عمر أخذ الحلة من عطارد ليعرضها على الرسول صلى الله عليه وسلم ليشتريها، فلما رفض شراءها أعادها إلى عطارد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015