مهري، فأسلم، فكان ذلك مهرها، وكان أبو طلحة يرمي بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ويقول له: نحري دون نحرك يا رسول الله، وتوفي سنة أربع وثلاثين.

وكانت أم سليم تغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم يزورها، فتتحفه بالشيء تصنعه له، وكان أنس ابنها ربيب أبي طلحة خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشر سنين، طلبت أمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو له، فدعا له بالزيادة في ماله وولده، فيروى عنه أنه كان يقول: دفنت من صلبي مائة وخمسة وعشرين، وإن أرضي لتثمر في السنة مرتين، أقام بعد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وشهد الفتوح، وقطن البصرة، ومات بها سنة تسعين، وهو آخر الصحابة موتاً -رضي الله عنهم أجمعين.

قال الحافظ ابن حجر: وقد اتفقت الطرق على أن الحديث المذكور من مسند أنس، وقد وافقه على ذلك أخوه لأمه عبد الله بن أبي طلحة، فرواه مطولاً عن أبيه، أخرجه أبو يعلى بإسناد حسن، وأوله "عن أبي طلحة، قال: دخلت المسجد، فعرفت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع ... " الحديث.

(قد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً، أعرف فيه الجوع) هكذا في الرواية السادسة، وبقيتها فهل عندك من شيء؟ فقالت: نعم، فأخرجت أقراصاً من شعير، ثم أخذت خماراً لها -أي الطرحة التي كانت تغطي وجهها وصدرها بها -فلفت الخبز ببعضه- أي ولفته بالخمار - ثم دسته تحت ثوبي، وردتني ببعضه -أي وردت ثوبي علي- وعند البخاري "ولاثتني ببعضه" أي لفتني به، أي لفت بعضه على رأسه، وبعضه على إبطه، يقال: لاث العمامة على رأسه، أي عصبها. ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فذهبت به، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في المسجد، ومعه الناس، فقمت عليهم -أي وقفت أمامهم- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسلك أبو طلحة؟ قال: فقلت: نعم. فقال: ألطعام؟ فقلت: نعم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه: قوموا .... ".

وفي الرواية السابعة عن أنس قال: بعثني أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأدعوه، وقد جعل طعاماً، قال: فأقبلت، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس، فنظر إلي، فاستحييت، فقلت: أجب أبا طلحة. فقال للناس: قوموا ... ".

وفي الرواية الثامنة "أمر أبو طلحة أم سليم أن تصنع للنبي صلى الله عليه وسلم، طعاماً لنفسه خاصة، ثم أرسلني إليه ... الحديث كالسابق.

وفي الرواية العاشرة "عن أنس قال: رأى أبو طلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعاً في المسجد، يتقلب ظهراً لبطن، فأتى أم سليم، فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعاً في المسجد، يتقلب ظهراً لبطن، وأظنه جائعاً ... الحديث كالسابق.

وفي الرواية الحادية عشرة "عن أنس بن مالك قال: جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، فوجدته جالساً مع أصحابه، يحدثهم، وقد عصب بطنه بعصابة على حجر .... فذهبت إلى أبي طلحة، فقلت: يا أبتاه ... فدخل أبو طلحة على أمي، فقال: هل عندك شيء؟ فقالت: نعم. عندي كسر من خبز، وتمرات .... ".

قال الإمام النووي: اعلم أن أنساً رضي الله عنه روى هنا حديثين: الأول من طريق، والثاني من طريق، وهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015