وبفتح النون، مقصوراً، قال: وفسره بالبعد، وقال الخطابي: وكذا رواه أكثر المحققين، قال: وهو غلط في الرواية والتفسير، وقد جاء في غير مسلم تمام هذا الشعر:
ألا يا حمز للشرف النواء ... وهن معقلات بالفناء
ضع السكين في اللبات منها ... وضرجهن حمزة بالدماء
وعجل من أطايبها لشرب ... قديداً من طبيخ أو شواء
و"الفناء" الجانب، أي جانب الدار التي كانوا فيها، والقديد اللحم المطبوخ، والتضريج التلطيخ. وأريد بهذا الشعر إثارة همة حمزة، وتهييجه على نحر الناقتين، ليأكلوا من لحمها، وقد عرف عنه الكرم، فخرج على الفور، وفعل ما فعل، وهو مخمور.
(ومن السنام؟ قال: قد جب أسنمتهما، فذهب بها) "ومن السنام"؟ معطوف على "ثم أخذ من أكبادهما" فكأن الراوي يسأل: أخذ بعض أكبادهما، وأخذ بعض أسنمتهما؟ فأجابه بأنه أخذ أسنمتهما كلها.
(فانطلقت، حتى أدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم) الأصل أن يقول "حتى دخلت" ولكنه عبر عن الماضي بصيغة المضارع استحضاراً للصورة.
(في وجهي الذي لقيت) أي دخلت عليه في وجه غاضب مفزع من هول ما رأيت، أي بنفس الوجه الذي رأيت فيه وبه شارفي.
(فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بردائه، فارتداه) قال النووي: هكذا هو في النسخ كلها "فارتداه".
(فدخل على حمزة، فتغيظ عليه) أي أظهر غيظه عليه، والغيظ تغير يلحق الإنسان من مكروه يصيبه وفي الرواية الثانية "فطفق رسول الله يلوم حمزة فيما فعل" أي جعل يلومه، و"طفق" بكسر الفاء وفتحها، والمشهور الكسر.
(فرفع حمزة بصره) في الرواية الثانية "فإذا حمزة محمرة عيناه، فنظر حمزة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صعد النظر إلى ركبتيه، ثم صعد النظر، فنظر إلى سرته، ثم صعد النظر فنظر إلى وجهه" أي كان حمزة جالساً ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً فنظر حمزة في مستوى النظر إلى ساق الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم رفع بصره قليلاً فكان إلى ركبتيه، ثم صعد، ثم صعد، حتى نظر إلى وجهه صلى الله عليه وسلم.
(فقال: هل أنتم إلا عبيد لآبائي؟ ) وفي الرواية الثانية "وهل أنتم إلا عبيد لأبي"؟ قيل: أراد أن أباه عبد المطلب جد للنبي صلى الله عليه وسلم ولعلي أيضاً، والجد يدعى سيداً، وحاصله أن حمزة أراد الافتخار عليهم بأنه أقرب إلى عبد المطلب منهم.
(فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ثمل) بفتح الثاء، وكسر الميم، أي سكران.