القاضي عن أكثر نسخهم، وسقطت لفظة "وجمعت" الأولى من أكثر نسخ بلادنا، ووقع في بعض النسخ "حتى جمعت" مكان "حين جمعت".
(فإذا شارفاي قد اجتبت أسنمتهما) قال النووي: هو في معظم النسخ "فإذا شارفي" وفي بعضها "فإذا شارفاي" وهذا هو الصواب، إلا أن يقرأ "فإذا شارفي" بتخفيف الياء، على لفظ الإفراد، ويكون المراد جنس الشارف، فيدخل فيه الشارفان. اهـ ومعنى "اجتبت" بضم التاء وتشديد الباء المفتوحة، مبني للمجهول، أي قطعت، والجب بفتح الجيم القطع، وفي الرواية الأولى "فثار إليهما حمزة بالسيف، فجب أسنمتهما" والمعنى: في الوقت الذي كنت أعد لشارفي الغرائر والرحال والحبال، وأجهز لهما عدة الحمل والعمل كان شارفاي قد قطعت أسنمتهما. وجمع "أسنمة" مع التثنية كثير، كقوله تعالى: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} [التحريم: 4].
(وبقر خواصرهما) يقال: بقر البطن بفتح الباء والقاف، يبقرها بضم القاف، أي شقها، والخواصر جمع خاصرة، والخصر من الإنسان والحيوان وسطه، وهو المستدق، فوق الوركين.
(وأخذ من أكبادهما) "من" تبعيضية، أي أخذ بعض أكبادهما.
(فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر منهما) قال النووي: سبب هذا البكاء والحزن ما خافه من تقصير في حق فاطمة -رضي الله عنها- وجهازها، والاهتمام بأمرها، وتقصيره أيضاً بذلك في حق النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن لمجرد الشارفين، من حيث هما من متاع الدنيا، بل لما قدمناه. اهـ
أقول: كان علي رضي الله عنه يعلم يقيناً أنه سيعوض عن الشارفين، إما من الجاني، وإما من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن يخاف من ضياعهما تقصيراً في حق فاطمة -رضي الله عنها- وإنما بكى، أو دمعت عينيه لفظاعة المنظر، وهوله، كما قال في الرواية الأولى "فنظرت إلى منظر أفظعني" فدموعه -رضي الله عنه- كانت شفقة ورقة قلب.
(قلت: من فعل هذا؟ قالوا: فعله حمزة بن عبد المطلب، وهو في هذا البيت، في شرب من الأنصار) و"الشرب" بفتح الشين وسكون الراء الجماعة الشاربون.
(غنته قينة وأصحابه) القينة الأمة، صانعة، أو غير صانعة، وغلب على المغنية، وهو المراد هنا.
(فقالت في غنائها: ألا يا حمز للشرف النواء) "حمز" منادي مرخم، بني على الضم، على لغة من لا ينتظر، في محل نصب، و"الشرف" بضم الشين، وضم الراء أو سكونها، جمع شارف و"النواء" بكسر النون وتخفيف الواو، وبالمد أي السمان، قال النووي: هذا الذي ذكرناه في النواء، أنها بكسر النون، وبالمد، هو الصواب المشهور في الروايات في الصحيحين وغيرهما، ويقع في بعض النسخ "النوي" وهو تحريف وقال الخطابي: رواه ابن جرير "ذا الشرف النوي" بفتح الشين والراء،