كان مزود تمر [لفظ البخاري الذي أشار إليه "فخرجنا، وكنا ببعض الطريق فني الزاد، فأمر أبو عبيدة بأزواد الجيش، فجمع، فكان مزودي تمر، فكان يقوتنا كل يوم قلبلاً قليلاً، حتى فني، فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة"] فصح أن التمر كان معهم من غير الجراب، وأما تفرقة ذلك تمرة تمرة فكان في ثاني الحال، بعد أن فني زادهم، وطال لبثهم.

قال النووي: والظاهر أن قوله "تمرة تمرة" إنما كان بعد أن قسم عليهم قبضة قبضة، فلما قل تمرهم قسمه عليهم تمرة تمرة، ثم فرغ وفقدوا التمرة، ووجدوا ألماً لفقدها، وأكلوا الخبط، إلى أن فتح الله عليهم بالعنبر.

قال الحافظ ابن حجر: وأما قول بعضهم: يحتمل أن يكون تفرقته عليهم تمرة تمرة كان من الجراب النبوي، قصداً لبركته، وكان يفرق عليهم من الأزواد التي جمعت أكثر من ذلك، فبعيد من ظاهر السياق، بل في رواية [روايتنا الخامسة] "ففني زادهم، فجمع أبو عبيدة زادهم في مزود، فكان يقوتنا، حتى كان يصيبنا كل يوم تمرة".

(نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها من الماء، فتكفينا يومنا إلى الليل) "نمصها" بفتح الميم وضمها، والفتح أفصح وأشهر.

(وكنا نضرب بعصينا الخبط، ثم نبله بالماء، فنأكله) "الخبط" بفتح الخاء والباء ما سقط من ورق الشجر بالخبط والنفض، أي كنا نضرب أوراق الشجر الجافة، فتسقط، فنبلها بالماء، فنأكلها من الجوع، وفي الرواية الثانية "حتى أكلنا الخبط، فسمي جيش الخبط".

(وانطلقنا على ساحل البحر) نبحث عن طعام.

(فرفع لنا على ساحل البحر) أي ظهر لنا شيء وجسم.

(كهيئة الكثيب الضخم) "الكثيب" الرمل المستطيل المحدوب، وجمعه أكثبة وكثب وكثبان.

(فأتيناه، فإذا هي دابة، تدعى العنبر) بفتح العين وسكون النون وفتح الباء، وهو حيوان ثديي بحري، من رتبة الحيتان، وفي رواية البخاري "وألقى البحر حوتاً يقال له: العنبر" وفي رواية له "فألقى البحر حوتاً ميتاً لم ير مثله، يقال له: العنبر" وفي رواية له "فإذا حوت مثل الظرب" بفتح الظاء وكسر الراء، وهو الجبل الصغير. قال الأزهري: العنبر: سمكة تكون بالبحر الأعظم، يبلغ طولها خمسين ذراعاً.

(قال أبو عبيدة: ميتة) خبر مبتدأ محذوف، أي هذه ميتة، لأنها لا حراك بها، أي والميتة حرام، فلا يحل أكلها، قال ذلك ابتداء باجتهاده، ثم غير اجتهاده، فقال:

(لا، بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي سبيل الله) أي ونحن في سبيل الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015