(وأصيب معك) أي وأحصل على الغنيمة معك، والظاهر أن هذا كان الدافع للرجل. أي فأذن لي بالقتال معك ومشاركتكم في الغنيمة.

(قال: فارجع. فلن أستعين بمشرك) على قتال مشرك، فإنه غير مأمون فشأنهم نكث العهود والغدر، فارجع من حيث أتيت، ولا تصحبنا).

(قالت: ثم مضى) رسول الله صلى الله عليه وسلم واستمر في طريقه، أو ثم مضى الرجل ورجع.

(حتى إذا كنا بالشجرة) مكان معروف، بعد حرة الوبرة. قال النووي: هكذا هو في النسخ "حتى إذا كنا" فيحتمل أن عائشة كانت مع المودعين، فرأت ذلك، ويحتمل أنها أرادت بقولها "كنا" كان المسلمون اهـ. والأول مستبعد، فلم تكن النساء تخرج المسافات الطويلة أكثر من أربعة أميال، للتوديع، ويحتمل أنها كانت -رضي الله عنها- قد خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة.

(كما قال أول مرة. قال: فارجع. فلن أستعين بمشرك) الجملة الثانية تفسير للأولى.

(ثم رجع) الرجل عن مصاحبة النبي صلى الله عليه وسلم بأن توقف، أو اتجه إلى طريق آخر.

(فأدركه بالبيداء) فأدرك الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصحراء والأرض الخالية المنبسطة.

(قال: فانطلق) أي معنا، وصاحبنا، وشاركنا في الغنيمة.

-[فقه الحديث]-

بوب النووي لهذا الحديث بباب كراهة الاستعانة في الغزو بكافر، إلا لحاجة، أو كونه حسن الرأي في المسلمين.

فحمل امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن قبول الرجل المشرك والاستعانة به على سبيل الكراهة، والتحقيق أن الحكم يختلف باختلاف الأشخاص واختلاف الظروف، واختلاف المهمة التي يستعان به عليها، فقد يكون محرما أشد التحريم، وممنوعا كل المنع، وأميل إلى التحريم في مثل ظروف هذا الحديث.

وقوله "في الغزو" احتراز عن الاستعانة بالكافر في الصناعة والزراعة والخدمة ونحو ذلك فهو ليس من هذا القبيل، لاختلاف درجة الخطر، وقد استعان صلى الله عليه وسلم بالكافر النجار لعمل المنبر.

وقوله "بكافر" أعم من أن يكون مشركا أو صاحب كتاب أو عابد وثن، وهو كذلك، وإن كان الحديث مع مشرك.

وقوله "إلا لحاجة" فيه نظر، فالاستعانة بالآخرين عادة لا تخلو من حاجة، وكان الأولى أن يقال: إلا لضرورة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015