وأنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع
قال: يا ثكلته أمه. أكوعه بكرة؟ قلت: نعم" معنى "ثكلته أمه" فقدته، وقوله "أكوعه" هو برفع العين، أي أنت الأكوع الذي كنت بكرة هذا النهار ترمينا؟ أنت متابعنا بالرمي حتى الليل؟ ولهذا قال: نعم، و"بكرة" منصوب غير منون، قال النووي: قال أهل اللغة: يقال: أتيته بكرة، بالتنوين، إذا أردت أنك لقيته باكرا في يوم غير معين، قالوا: وإذا أردت بكرة يوم بعينه قلت: أتيته بكرة، غير مصروف، لأنها من الظروف غير المتمكنة. اهـ.
"يا عدو نفسه، أكوعك بكرة، قال: وأردوا فرسين على ثنية" قال النووي: قال القاضي: رواية الجمهور بالدال -أي بفتح الهمزة وإسكان الراء وفتح الدال- ورواه بعضهم بالذال. قال: وكلاهما متقارب المعنى، فبالذال معناه خلفوهما، والرذي الضعيف من كل شيء -وفي كتب اللغة: أرذى ناقته هزلها وخلفها- وبالدال معناه أهلكوهما وأتعبوهما حتى أسقطوهما وتركوهما ومنه التردية "قال: فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ولحقني عامر" عمه "بسطيحة" وهي إناء من جلد سطح بعضها على بعض "فيها مذقة من لبن" بفتح الميم وإسكان الذال، أي قليل من لبن "وسطيحة فيها ماء، فتوضأت "من الماء" وشربت" من اللبن، "ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو على الماء الذي حليتهم عنه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ تلك الإبل، وكل شيء استنقذته من المشركين وكل رمح وبردة، وإذا بلال نحر ناقة من الإبل الذي استنقذت من القوم" قال النووي: كذا في أكثر النسخ "الذي" وفي بعضها "التي" وهو أوجه، لأن الإبل مؤنثة، وكذا أسماء الجموع من غير الآدميين، والأول صحيح أيضا، وأعاد الضمير إلى الشيء الذي غنمه، لا إلى لفظ الإبل "وإذا هو يشوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها.
(فقلت: يا نبي الله، إني قد حميت القوم الماء، وهم عطاش) أي منعتهم إياه.
(فابعث إليهم الساعة) أي وافرض عليهم شروطك، فهم اليوم ضعاف محتاجون.
(يا ابن الأكوع. ملكت فأسجح) بهمزة قطع، بعدها سين، ثم جيم مكسورة، ثم حاء، ومعناه: فأحسن وارفق، والسجاحة السهولة، أي لا تأخذ بالشدة، بل ارفق، فقد حصلت النكاية في العدو، والحمد لله.
وفي الرواية الثانية "قال: قلت: يا رسول الله، خلني" أي اتركني "فأنتخب" أي فأختار "من القوم" أي من الصحابة "مائة رجل، فأتبع القوم، فلا يبقى منهم مخبر" أي حي يستطيع أن يتكلم ويخبر "إلا قتلته، قال: فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى بدت نواجذه" أي فتبسم حتى بدت أنيابه "في ضوء النار، فقال: يا سلمة، أتراك كنت فاعلا؟ " أي أتظن أنك بالمائة رجل تستطيع أن تفعل ذلك؟ "قلت: نعم. والذي أكرمك، فقال": إنك لم تكن تستطيع، لأنهم الآن قد وصلوا إلى قبيلتهم ومقاتليهم، فأصبحوا في منعة، لا يواجهها إلا جيش كبير "إنهم الآن ليقرون في أرض غطفان" أي إنهم اليوم في ضيافة أهليهم في أراضيهم "فجاء رجل من غطفان" أي قادم من أرض غطفان "فقال: نحر لهم