واحتقار "قال: قلت: أنا سلمة بن الأكوع، والذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم، لا أطلب رجلا منكم إلا أدركته، ولا يطلبني رجل منكم فيدركني" المراد من الإدراك الإصابة والقتل، ويحتمل الوصول إليه بالجري وراءه، وكان سلمة كذلك في الاحتمالين، فكان في العدو والجري لا يسبق، كما سيذكر عن نفسه في هذا الحديث، وكان راميا متمكنا، يجيد بري النبل واختيار مادته وحجمه، ويجيد إعداد القوس وقوته في الدفع، ويجيد إصابة الهدف "قال أحدهم: أنا أظن" الظن هنا مراد به الاعتقاد والمظنون محذوف للعلم به من المقام أي أنا أعتقد أن ما تقول حقا، وأنك تدركنا ولا ندركك، فخير لنا أن نخليك وشأنك ونرجع "فرجعوا. قال فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي فلم ألبث طويلا حتى رأيت مقدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ركبانا، فوارسه على خيولهم "يتخللون الشجر" أي يدخلون بين الأشجار "قال: فإذا أولهم الأخرم الأسدي، على إثره أبو قتادة الأنصاري، وعلى إثره المقداد بن الأسود الكندي، قال: فأخذت بعنان الأخرم" أي بعنان فرس الأخرم، أحول بينه وبين الإسراع نحو القوم، خوفا عليه منهم، فقد أصبحوا موتورين، وهو كثرة، وهو منفرد "قال: فولوا مدبرين" فقد رأوا مقدمة المدد وجيش المسلمين.
"قلت: يا أخرم، احذرهم" ولا تسرع إليهم "لا يقتطعوك" لا تمكنهم من أن ينفردوا بك "حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه" بنا "قال: يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، وتعلم أن الجنة حق، والنار حق، فلا تحل بيني وبين الشهادة، قال فخليته، قال: فالتقى هو وعبد الرحمن" الفزاري رئيس جماعة المشركين، فعقر بعبد الرحمن فرسه" أي عقر الأخرم فرس عبد الرحمن الفزاري وهو عليه، فنزل عبد الرحمن، وأمسك بالرمح، وسدده نحو الأخرم "وطعنه عبد الرحمن فقتله، وتحول" عبد الرحمن "على فرسه" أي على فرس الأخرم "ولحق أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الرحمن، فطعنه، فقتله، فوالذي كرم وجه محمد صلى الله عليه وسلم لتبعتهم" أي لقد تبعتهم "أعدو على رجلي" وتقدمت على فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعدت عنهم "حتى ما أرى ورائي من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم" أحدا ولا "أرى من "غبارهم شيئا، حتى يعدلوا" فيه التعبير عن الماضي بالمضارع استحضارا للصورة، أي حتى عدل المشركون "قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء، يقال له ذو قرد" قال النووي: كذا في بعض النسخ، وهو الوجه، وفي أكثر النسخ "ذا قرد". اهـ كل تلك الأحداث مطوية في الرواية الأولى.
(وقد أخذوا يسقون من الماء، فجعلت أرميهم بنبلي وكنت راميا وأقول: أنا ابن الأكوع
واليوم يوم الرضع،
فأرتجز) في الرواية الثانية "يقال له: ذو قرد، ليشربوا منه، وهم عطاش، قال: فنظروا إلى أعدو وراءهم، فحليتهم عنه" قال النووي: هو بحاء ولام مشددة، أي طردتهم عنه، وقد فسره في الحديث بقوله "يعني أجليتهم عنه" بالجيم، قال القاضي: كذا روايتنا فيه هنا، غير مهموز، قال: وأصله الهمز، فسهله. اهـ. وفي كتب اللغة: حلأه عن الشيء بفتح الحاء وتشديد اللام وبالهمز، تحليئا وتحلئة منعه منه. "فما ذاقوا منه قطرة، قال: ويخرجون" من الشعب "فيشتدون" أي يسرعون بالجري "في ثنية" في طريق ضيق من الجبل "قال: فأعدو فألحق" أي فعدوت فلحقت "رجلا منهم، فأصكه بسهم" أي فصككته بسهم "في نغض كتفه، قال: قلت: .
خذها