الإجارة "فعض إصبع صاحبه، فانتزع إصبعه" قال الحافظ ابن حجر: وفي الجمع بين الذراع والإصبع عسر، ويبعد الحمل على تعدد القصة، لاتحاد المخرج، لأن مدارها على عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه، فالذي يترجح الذراع، وانفراد ابن علية عن ابن جريج بلفظ الإصبع، لا يقاوم الروايات المتعاضدة على الذراع. اهـ
قلت: يحتمل أن يعلى عض إصبع الرجل، فانتزعه بسرعة لصغره، فأمسك بذراعه فعضه، فحصل ما حصل، فهذا الاحتمال خير من رد رواية صحيحة.
(فجذبه، فسقطت ثنيته) أي فجذب المعضوض ذراعه، كذا في الرواية الثانية "فجذبه" بالتذكير، مع أن الذراع مؤنث عند جمهور أهل اللغة، فإعادة الضمير عليه مذكرًا باعتباره عضوًا، وعند الجوهري: ذراع اليد يذكر ويؤنث، وذراع الآدمي من طرف المرفق إلى طرف الإصبع الوسطى.
"والثنية" إحدى الأسنان الأربع التي في مقدم الفم، ثنتان من فوق، وثنتان من تحت، وفي الرواية الخامسة "فسقطت ثنيتاه" بالتثنية، وفي الرواية الرابعة "ثنيته أو ثناياه" قال الحافظ ابن حجر: وقد تترجح رواية التثنية، لأنه يمكن حمل الرواية التي بصيغة الجمع عليها، على رأي من يجيز في الاثنين صيغة الجمع، ورد الرواية التي بالإفراد إليها، على إرادة الجنس، وقول من يقول بالتعدد بعيد، لاتحاد المخرج.
(فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم) من المتبادر أن الذي رفع الأمر هو يعلى الذي سقطت ثنيتاه، يقوي هذا قوله في الرواية الرابعة "فسقطت ثنيته، فاستعدى رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي استعانه واستنصره، وكان الخطاب له في "ما تأمرني؟ تأمرني أن آمره أن يدع يده في فيك .... إلخ".
وفي الرواية السادسة "فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم ولعل من سقطت ثنيته أخذ من أسقطها، وانضم إليهما بعض أهلهما فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، ففي بعض الروايات عند البخاري "فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم".
(أيعض أحدكم كما يعض الفحل؟ ) يقال: عض يعض بفتح العين، والفحل الذكر من الإبل، ويطلق على الذكر من غير الإبل من الدواب، والاستفهام إنكاري توبيخي، أي لا ينبغي أن يعض أحدكم .. وفي الرواية الرابعة والخامسة "أن تقضمه كما يقضم الفحل" يقال: قضم يقضم بفتح الضاد على اللغة الفصيحة، والقضم الأكل بأطراف الأسنان. وفي الرواية الثانية "أردت أن تأكل لحمه؟ " وفي الرواية الخامسة "أردت أن تقضمه، كما يقضم الفحل"؟ وفي الرواية الرابعة "ما تأمرني؟ تأمرني أن آمره أن يدع يده في فيك، تقضمها، كما يقضم الفحل، ادفع يدك حتى يعضها، ثم انتزعها" قال النووي: ليس المراد بهذا أمره بدفع يده ليعضها، وإنما معناه الإنكار عليه، أي إنك لا تدع يدك في فيه يعضها، فكيف تنكر عليه أن ينتزع يده من فيك؟ وتطالبه بما جنى في جذبه لذلك؟
(لا دية له) أي لا دية له عن ثنيته، ومن باب أولى لا قصاص. وفي الرواية الثانية "فأبطله" أي فأبطل طلب الدية، وفي الرواية الثالثة والخامسة "فأبطلها" أي أبطل قصاصها وديتها، وفي الرواية السادسة "فأهدر ثنيته" أي جعلها هدرًا لا دية لها.