وتخفيف اللام، أي لا خديعة، يقال: خلبه يخلبه - من باب نصر وضرب - خلبًا وخلابة، ورجل خالب وخلاب، أي خداع.
و"لا" نافية للجنس، أي لا خديعة في الدين، لأن الدين النصيحة، أي لا تحل لك خديعتي، أو لا يلزمني خديعتك، زاد ابن إسحق "ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلاث ليال، فإن رضيت فأمسك، وإن سخطت فاردد" فبقي حتى أدرك عثمان، وهو ابن مائة وثلاثين سنة، وكان إذا اشترى شيئًا، فقيل له: إنك غبنت فيه رجع به، فيشهد له الرجل من الصحابة بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعله بالخيار ثلاثًا، فيرد له دراهمه، وقد لقنه النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول، ليتلفظ به عند البيع، فيطلع به صاحبه على أنه ليس من ذوي البصائر في معرفة السلع، ومقادير القيمة، فينصح له كما ينصح لنفسه، وذكر الدارقطني: أنه كان ضريرًا.
(فكان إذا بايع يقول: لا خيابة) بخاء مكسورة بعد ياء بدل اللام، ثم باء بعد الألف، ورواه بعضهم بنون بعد الألف، وهو تصحيف، ووقع في غير مسلم (خذابة) بالذال، والصواب الأول، وقد قلنا: إن لسانه كان ألثغ لا يساعده على إخراج الحروف من مخارجها.
-[فقه الحديث]-
قال النووي: هذا الحديث دليل لثبوت خيار المجلس لكل واحد من المتبايعين بعد انعقاد البيع، حتى يتفرقا من ذلك المجلس بأبدانها، وبهذا قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وممن قال به: علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس وأبو هريرة وأبو برزة الأسلمي وطاووس وسعيد بن المسيب وعطاء وشريح القاضي والحسن البصري والشعبي والزهري والأوزاعي وابن أبي ذئب وسفيان بن عيينة والشافعي وابن المبارك وعلي بن المديني وأحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وأبو ثور وأبو عبيد والبخاري وسائر المحدثين وآخرون.
وقال مالك وأبو حنيفة: لا يثبت خيار المجلس، بل يلزم البيع بنفس الإيجاب والقبول. وبه قال ربيعة، وحكى عن النخعي، وهو رواية عن الثوري.
قال: وهذه الأحاديث الصحيحة ترد على هؤلاء، وليس لهم عنها جواب صحيح، والصواب ثبوته، كما قاله الجمهور. اهـ. قال الحافظ ابن حجر: روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن إبراهيم النخعي، أنه قال: "البيع جائز وإن لم يتفرقا" ورواه عنه سعيد بن منصور بلفظ "إذا وجبت الصفقة فلا خيار" وبذلك قال المالكية إلا ابن حبيب، والحنفية كلهم. قال ابن حزم: لا نعلم لهم سلفًا إلا إبراهيم النخعي وحده. وقد ذهبوا في الجواب عن هذه الأحاديث مذاهب شتى:
1 - فمنهم من ردها بحجة أنها معارضة لما هو أقوى منها، مما سيأتي على أنه ناسخ.
2 - ومنهم من قال: إنها منسوخة: