معناه إلا بيعًا شرط فيه أن لا خيار لهما في المجلس، فيلزم البيع بنفس العقد، ولا يكون فيه خيار أصلاً. وسيأتي خلاف الفقهاء في الأول والثالث.
وفي الرواية الثانية "أو يخير أحدهما الآخر، فإن خير أحدهما الآخر، فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع" وهذا يؤيد المعنى الأول، وكذا جاء في الرواية الثالثة "أو يكون بيعهما عن خيار، فإذا كان بيعهما عن خيار فقد وجب" مما يؤيد المعنى الأول أيضًا.
(أو يكون بيعهما عن خيار) في الأصول بنصب الفعل "يكون" وكذا في الرواية الثانية بنصب الفعل "يخير" وتوجيهه أن "أو" بمعنى "إلا أن" كقولهم: لألزمنك أو تقضيني ديني، والمعنى هنا: كل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن يخير أحدهما الآخر، وإلا أن يكون بيعهما عن خيار. وقيل في توجيهه غير ذلك مما فيه تعسف.
(فأراد أن لا يقيله) أقاله البيع وافقه على فسخه، والمعنى فأراد أن لا ينفسخ البيع.
(فكان إذا بايع رجلاً) أي فكان ابن عمر إذا بايع إلخ.
(قام، فمشي هنيهة) كأن مذهب ابن عمر أن التفرق بالأبدان، قال النووي: هو في بعض النسخ "هنية" بتشديد الياء، وفي بعضها "هنيهة" بتخفيف الياء، وزيادة هاء، أي شيئًا يسيرًا.
(كل بيعين لا بيع بينهما) أي لا بيع لازم نافذ، و"بيعين" بتشديد الياء الأولى تثنية "بيع" بتشديد الياء أيضًا، وهو البائع.
(فإن صدقا وبينا بورك لهما) أي بين كل واحد لصاحبه ما يحتاج إلى بيانه من عيب ونحوه في السلعة والثمن، وصدق في ذلك، وفي الإخبار بالثمن، وما يتعلق بالعوضين.
(وإن كذبا وكتما محق بركة بيعهما) "محق" بدون تأنيث لأن الفاعل غير حقيقي التأنيث فيجوز في الفعل التذكير والتأنيث، وفي رواية البخاري و"محقت بركة بيعهما" قال الحافظ ابن حجر: يحتمل أن يكون على ظاهره، وأن شؤم التدليس والكذب وقع في ذلك العقد، فمحق بركته، وإن كان الصادق مأجورًا، والكاذب مأزورًا، ويحتمل أن يكون ذلك مختصًا بمن وقع منه التدليس والعيب، دون الآخر. اهـ. والأخير هو الراجح.
(ذكر رجل لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع) أي فطلب منه وسيلة تحميه من ذلك.
وهذا الرجل هو حبان بن منقذ - صحابي ابن صحابي، أنصاري، شهد أحدًا وما بعدها، ومات في زمن عثمان، وقد شج في بعض غزواته مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن حصن من الحصون، أصابه حجر في رأسه، فتغير لسانه وعقله، لكنه لم يخرج عن التمييز، فكانت بلسانه لوثة، وكان يغبن في البيوع، وكان لا يدع التجارة رغم أن لسانه كان لا يساعده على مخارج الحروف.
(من بايعت فقل: لا خلابة) في رواية البخاري "إذا بايعت فقل: لا خلابة" بكسر الخاء