للشافعية، والراجح عندهم أنه لا يثبت، فقد جاء عند الطحاوي "من اشترى مصراة ولم يعلم أنها مصراة" والله أعلم.
وللإمام النووي كلام جيد في هذه القضية أوثر أن أنقله بنصه: قال رحمه الله تعالى: واختلف أصحابنا في خيار المشتري للمصراة. هل هو على الفور بعد العلم؟ أو يمتد ثلاثة أيام؟ فقيل: يمتد ثلاثة أيام لظاهر هذه الأحاديث، والأصح عندهم أنه على الفور، ويحملون التقييد بثلاثة أيام في بعض الأحاديث على إذا ما لم يعلم أنها مصراة إلا في ثلاثة أيام، لأن الغالب أنه لا يعلم فيما دون ذلك، فإنه إذا نقص اللبن في اليوم الثاني عن الأول، احتمل كون النقص لعارض، من سوء مرعاها في ذلك اليوم، أو غير ذلك، فإذا استمر كذلك ثلاثة أيام، علم أنها مصراة.
ثم إذا اختار رد المصراة بعد أن حلبها ردها وصاعًا من تمر، سواء كان اللبن قليلاً أو كثيرًا، سواء كانت ناقة أو شاة أو بقرة. هذا مذهبنا، وبه قال مالك والليث وابن أبي ليلى وأبو يوسف وأبو ثور وفقهاء المحدثين، وهو الصحيح الموافق للسنة، وقال بعض أصحابنا: يرد صاعًا من قوت البلد، ولا يختص بالتمر، وقال أبو حنيفة وطائفة من أهل العراق وبعض المالكية ومالك في رواية غريبة عنه: يردها ولا يرد صاعًا من تمر، لأن الأصل أنه إذا أتلف شيئًا لغيره، رد مثله إن كان مثليًا، وإلا فقيمته، وأما رد جنس آخر من العروض فخلاف الأصول. وأجاب الجمهور عن هذا بأن السنة إذا وردت لا يعترض عليها بالمعقول، وأما الحكمة في تقييده بصاع التمر فلأنه كان غالب قوتهم في ذلك الوقت، فاستمر حكم الشرع على ذلك، وإنما لم يجب مثله ولا قيمته، بل وجب صاع في القليل والكثير، ليكون ذلك حدًا يرجع إليه، ويزول به التخاصم، وكان صلى الله عليه وسلم حريصًا على رفع الخصام، والمنع من كل ما هو سبب له، وقد يقع بيع المصراة في البوادي والقرى، وفي مواضع لا يوجد فيها من يعرف القيمة، ويعتمد قوله فيها، وقد يتلف اللبن، ويتنازعون في قلته وكثرته وفي عينه، فجعل الشرع لهم ضابطًا لا نزاع معه، وهو صاع تمر، ونظير هذا الدية، فإنها مائة بعير، ولا تختلف باختلاف حال القتيل، قطعًا للنزاع، ومثله الغرة في الجناية على الجنين سواء كان ذكرًا أو أنثى، تام الخلق أو ناقصه، جميلاً كان أو قبيحًا، ومثله الجبران بين الشيئين في الزكاة، جعله الشرع شاتين أو عشرين درهمًا، قطعًا للنزاع، سواء كان التفاوت بينهما قليلاً أو كثيرًا.
فإن قيل: كيف يلزم المشتري رد عوض اللبن مع الخراج بالضمان، وأن من اشترى شيئًا معيبًا، ثم علم العيب، فرد به، لا يلزمه رد الغلة والأكساب الحاصلة في يده؟ فالجواب أن اللبن ليس من الغلة الحاصلة في يد المشتري، بل كان موجودًا عند البائع، وفي حالة العقد، ووقع العقد عليه وعلى الشاة جميعًا فهما مبيعان بثمن واحد، وتعذر رد اللبن لاختلاطه بما حدث منه في ملك المشتري، فوجب رد عوضه، والله أعلم. اهـ.
7 - وأما تلقي الركبان فيقول النووي: في هذه الأحاديث تحريم تلقي الجلب، وهو مذهب الشافعي