يصاحبه صاع من تمر، وفي التاسعة عشرة يصاحبه صاع من طعام وكلاهما ينفي السمراء فكيف الجمع؟ وما الحكم؟ .
قال الحافظ ابن حجر: تحمل رواية الطعام على التمر. اهـ. فالمطلوب صاع من تمر، حملاً للمطلق على المقيد، وكأنه قال: تمر ليس ببر، قال الحافظ ابن حجر: ويعكر عليه ما رواه البزار بلفظ "إن ردها ردها ومعها صاع من بر، لا سمراء" وهذا يقتضي أن المنفي في قوله "لا سمراء" حنطة مخصوصة، وهي الحنطة الشامية، فيكون المرجح لعموم الطعام أولى. ويؤيده رواية أحمد، ولفظها "فإن ردها رد معها صاعًا من طعام، أو صاعًا من تمر" قال الحافظ ابن حجر: وإذا وقع الاحتمال في هذه الروايات لم يصح الاستدلال بشيء منها، فيرجع إلى الروايات التي لم يختلف فيها، وهي التمر فهي الراجحة، وروايات التمر أكثر عددًا من الروايات التي لم تنص عليه، أو أبدلته بذكر الطعام. وقد أخذ بهذا جمهور أهل العلم، ولم يفرقوا بين أن يكون اللبن الذي احتلب قليلاً أو كثيرًا، ولا بين أن يكون التمر قوت تلك البلد أم لا.
وخالف في أصل المسألة الحنفية، فقالوا: لا يرد بعيب التصرية، ولا يجب رد صاع من التمر، واعتذروا عن الأحاديث المصرحة بالرد وبالصاع بأعذار شتى، فمنهم من طعن في الحديث، لكونه من رواية أبي هريرة، ولم يكن كابن مسعود وغيره من فقهاء الصحابة، فلا يأخذ بما رواه مخالفًا للقياس الجلي. قال الحافظ ابن حجر: وهو كلام آذى قائله به نفسه، وفي حكايته غنى عن تكلف الرد عليه. ثم أطال في الرد عليه.
ومنهم من قال: هو حديث مضطرب لذكر التمر فيه تارة والقمح أخرى واللبن ثالثة، واعتباره بالصاع تارة، وبالمثل أو المثلين تارة أخرى، والجواب أن الطرق الصحيحة لا اختلاف فيها.
ومنهم من قال: هو معارض لعموم القرآن، كقوله تعالى: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} [النحل: 126] وأجيب بأنه من ضمان المتلفات، لا من العقوبات. ثم أطال الحافظ في الرد على الحنفية بما لا يتسع له المقام.
وخالف الحنفية زفر، فقال بقول الجمهور. لكنه قال: يتخير بين صاع، ونصف صاع بر، وأبو يوسف في رواية، لكنه قال: لا يتعين صاع التمر، بل تصح قيمته، وفي رواية عن مالك وبعض الشافعية كذلك.
جـ- هل الاحتلاب الوارد في الرواية الخامسة والسابعة عشرة والواحدة والعشرين شرط للرد؟ على معنى أن الخيار لا يثبت للمشتري إلا بعد الحلب؟ أو لا؟ الجمهور على أنه إذا علم بالتصرية ثبت له الخيار، ولو لم يحلب، لكن لما كانت التصرية لا تعرف غالبًا إلا بعد الحلب ذكر قيدًا في ثبوت الاختيار، فلو ظهرت التصرية بغير الحلب فالخيار ثابت.
د- لو كان المشتري عالمًا بالتصرية قبل الشراء. هل يثبت له الخيار؟ والجواب: فيه وجه