ربا خائن، وأطلق ابن أبي أوفى على من أخبر بأكثر مما اشترى به أنه ناجش، لمشاركته لمن يزيد في السلعة وهو لا يريد أن يشتريها في غرور الغير.

وقيد ابن العربي وابن عبد البر وابن حزم التحريم بأن تكون الزيادة المذكورة فوق ثمن المثل. قال ابن العربي: فلو أن رجلاً رأى سلعة رجل تباع بدون قيمتها، فزاد فيها لتنتهي إلى قيمتها لم يكن ناجشًا عاصيًا بل يؤجر على ذلك بنيته. وقد وافقه على ذلك بعض المتأخرين من الشافعية.

قال الحافظ ابن حجر: وفيه نظر، إذ لم تتعين النصيحة في أن يوهم أنه يريد الشراء وليس من غرضه بل غرضه أن يزيد على من يريد الشراء أكثر مما يريد أن يشتري به، فللذي يريد النصيحة مندوحة عن ذلك، كأن يعلم البائع بأن قيمة سلعتك أكثر من ذلك، ثم هو باختياره بعد ذلك، ويحتمل أن لا يتعين عليه إعلامه بذلك حتى يسأله، للحديث الآتي [روايتنا الرابعة عشرة] "دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض"، فإذا استنصح أحدكم أخاه فلينصحه.

6 - وأما التصرية فظاهر قوله "لا تصروا الإبل والغنم" في الرواية الخامسة أن الحكم خاص بهما، ولا يشمل البقر مثلاً، لكن العلماء على شمول ما في معناهما من النعم وإنما اقتصر عليهما لغلبتهما عندهم خلافًا لداود، وقد عممه جمهور العلماء في غير النعم من مأكول اللحم، للجامع المشترك، وهو تغرير المشتري، وقال الحنابلة وبعض الشافعية: يختص ذلك بالنعم. واختلفوا في غير المأكول كالأتان والجارية، والأصح أنه لا يرد للبن عوضًا، وبه قال الحنابلة في الأتان دون الجارية. وظاهر هذه العبارة أيضًا، وقوله في الرواية السادسة "نهي عن التصرية" أن التصرية وجمع اللبن في الضرع منهي عنه ولو لم يكن للبيع، فلو جمع اللبن زائدًا على المعتاد من أجل الولد أو العيال أو الضيف فهو داخل في النهي، وبهذا قال بعض الشافعية، وقالوا: إن العلة إيذاء الحيوان، والجمهور على أن النهي عن التصرية من أجل البيع فعند النسائي "لا تصروا الإبل والغنم للبيع" وظاهر رواياتنا تؤيد ذلك، فهي تتكلم عن حق المشتري للمصراة في الرجوع على البائع.

وقد فرع العلماء على أحاديث التصرية هذه مسائل. منها:

أ- هل الأيام الثلاثة الواردة في الرواية الثامنة عشرة والتاسعة عشرة للخيار فيها معتد بها؟ أو العبرة بالعموم الوارد في الروايات الأخرى؟ قال الحافظ ابن حجر: الظاهر أن من زاد "الثلاث" معه زيادة علم، وهو حافظ، ويحمل الأمر فيمن لم يذكرها على أنه لم يحفظها، أو اختصرها. اهـ. وقيل: تشترط فورية الرد عقب العلم، قياسًا على سائر العيوب، وعلى القول بها فمتى تبدأ هذه الأيام الثلاثة؟ الحنابلة يقولون: تبدأ هذه المدة من وقت بيان التصرية، وهو يصير المدة أوسع من الثلاث في بعض الصور.

والشافعية يقولون: تبدأ هذه المدة من حين العقد، وقيل: من حين التفرق.

ب- في الرواية الخامسة والسابعة عشرة والثامنة عشرة والواحدة والعشرين أن الرد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015