(إلا أن يأذن له) يحتمل أن يكون استثناء من الحكمين، كما هو قاعدة الشافعي، ويحتمل أن يختص بالأخير، ويؤيد الثاني رواية البخاري في النكاح، ولفظها "نهي أن يبيع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه، حتى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له الخاطب" ويؤيد الأول رواية النسائي ولفظها "لا يبع الرجل على بيع أخيه حتى يبتاع أو يذر".
(لا يسم المسلم على سوم أخيه) يقال: سام البائع السلعة، وسام البائع بالسلعة يسوم، سومًا وسوامًا وسيمة عرضها للبيع، وذكر ثمنها، وسام المشتري السلعة، وسام بها طلب ابتياعها، ويقال: سمت فلانًا بضم السين وسكون الميم - سلعته إذا قومتها وأغليت ثمنها. وساومه مساومة وسوامًا فاوضه في البيع والابتياع، واستام المشتري من البائع بسلعته عرض عليه ثمنها فقوله "لا يسم" بضم السين، أي لا يذكر ثمنًا لسلعة، وفي الرواية الرابعة "نهي أن يستام الرجل" أي نهي عن أن يعرض الرجل ثمنًا، وفي ملحق الرواية "على سيمة أخيه" أي على سوم أخيه. والسوم المنهي عنه يقع من البائع والمشتري، وصورته أن يتفق صاحب السلعة والراغب فيها على البيع، وعلى الثمن، وقبل أن يعقدا يقول آخر لصاحبها: أنا أشتريها بأكثر، أو يقول للراغب فيها: أنا أبيعك خيرًا منها بأرخص، فالسوم على السوم شبيه بالبيع على البيع، والشراء على الشراء، والمعنى في ذلك ما فيه من الإيذاء والتقاطع.
أما المزايدة فهي غير ممنوعة، لأنها تكون قبل الاتفاق على البيع، وكذلك المناقصة.
(لا يتلقى الركبان لبيع) "لا يتلقى" "لا" نافية، و"يتلقى" بضم أوله، مبني للمجهول، و"الركبان" نائب فاعل، أي لا تتلقوا الركبان القادمين من بعيد ليبيعوا أو ليشتروا قبل وصولهم إلى السوق، لاستغلال جهلهم بالسوق والأسعار. فقول "لبيع" إما أن يتعلق بلا يتلقى. أي لا تتلقوا للبيع أو للشراء، أو بالركبان جمع راكب. فهم ركبان للبيع أو الشراء، وفي الرواية السادسة "نهي عن التلقي للركبان" ليس أي ركبان، بل الركبان القادمين من بعيد للبيع أو الشراء، وفي الرواية الثامنة "نهى أن تتلقى - بضم أوله مبني للمجهول - السلع حتى تبلغ الأسواق" وفي الرواية التاسعة "نهي عن تلقي البيوع" وفي الرواية العاشرة "نهى أن يتلقى الجلب" بفتح الجيم وفتح اللام، ما جلب من إبل وغنم ومتاع للتجارة، والجمع أجلاب. وفي الرواية الحادية عشرة "لا تلقوا الجلب" بحذف إحدى التاءين، وأصله لا تتلقوا.
(فإذا أتي سيده السوق) أي مالكه، أو بائعه.
(ولا تناجشوا) أصل النجش الاستثارة، ومنه نجشت الصيد أنجشه - بضم الجيم - نجشًا، أي استثرته. وقال ابن قتيبة: أصل النجش الختل، وهو الخداع، ومنه قيل للصاعد: ناجش - وكل من استثار شيئًا فهو ناجش، والنجش في البيع أن يزيد في ثمن السلعة، لا لرغبة فيها، بل ليخدع غيره، ويوقعه فيها، ويقع ذلك بمواطأة البائع، وبغير علم البائع، ويقع من البائع نفسه، كأن يخبر بأنه