(فقلت: خابت حفصة وخسرت) الجملة خبرية لفظًا ومعنى، وخص حفصة بذلك مع شمول الخيبة والخسران أمهات المؤمنين، لمكانتها منه، لأنها ابنته، ولكونه كان قريب العهد بتحذيرها من وقوع ذلك، ووقع في روايتنا العاشرة" رغم أنف حفصة وعائشة" وكأنه خصهما بالذكر لكونهما كانتا السبب في ذلك.
(قد كنت أظن هذا كائنًا) في رواية البخاري "قد كنت أظن هذا يوشك أن يكون" أي كنت أتوقع حدوث هذا بسبب كثرة مراجعتهن التي قد تفضي إلى الغضب المفضي إلى الفرقة.
(فاستوى جالسًا) في رواية البخاري "فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وكان متكئاً" وهذا مظهر من مظاهر الاهتمام بالموقف، وبالكلام الآتي.
(ثم قال: أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟ ) أي أأنت في شك في أن التوسع في الآخرة خير من التوسع في الدنيا؟ وفي رواية البخاري "أو في هذا أنت يا ابن الخطاب"؟ وهذا يشعر بأنه صلى الله عليه وسلم ظن أنه بكى من الموقف العصيب، موقف النبي صلى الله عليه وسلم من أزواجه وموقفهن منه، وغضبه صلى الله عليه وسلم عليهن، واعتزاله لهن، فلما ذكر له أمر الدنيا كان إنكاره صلى الله عليه وسلم لما شغل عمر، وأحس عمر بشدة الإنكار، ووقعه عليه، فقال:
(فقلت: استغفر لي يا رسول اللَّه) أي عن اعتقادي أن التجملات الدنيوية مرغوب فيها، أو عن انشغالي بهذا الأمر عن الأمر الأهم.
(وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرًا، من شدة موجدته عليهن) أي من شدة غضبه منهن.
(فقال: إن الشهر تسع وعشرون) وفي رواية البخاري "وكان ذلك الشهر تسعًا وعشرين ليلة" قال الحافظ ابن حجر: في هذا إشارة إلى تأويل الكلام الذي قبله، وأنه لا يراد به الحصر، وأن كل شهر تسع وعشرون، أو أن اللام في قوله "الشهر" للعهد، أي الشهر المحلوف عليه، ولا يلزم من ذلك أن تكون الشهور كلها كذلك.
-[فقه الحديث]-
قال الله تعالى {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحًا جميلاً * وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرًا عظيمًا} [الأحزاب: 28، 29].
عن هذا التخيير يقول الماوردي: اختلف. هل كان التخيير بين الدنيا والآخرة؟ أو بين الطلاق والإقامة عنده؟ اهـ.