(وكان لي صاحب من الأنصار) قال الحافظ ابن حجر: اسم الجار المذكور أوس بن خولى بن عبد الله بن حارث الأنصاري. هذا هو المعتمد.
(ونحن حينئذ نتخوف ملكًا من ملوك غسان ... ) وفي رواية للبخاري "وكان من حول رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استقام له، فلم يبق إلا ملك غسان بالشام، كنا نخاف أن يأتينا" وفي الرواية الثانية عشرة "وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا" "تنعل" بضم التاء وكسر العين، وبفتح التاء، أي تركب النعال، وهي الحديدة التي تركب في حوافر الخيل.
و"غسان" في الأصل قبيلة، وكان منها ملوك بالشام، قيل: بلغوا سبعة وثلاثين ملكًا، أولهم حفنة بن عمرو بن ثعلبة، وآخرهم جبلة بن الأيهم، وهو الذي أسلم في خلافة عمر رضي الله عنه ثم عاد إلى الروم وتنصر.
(أتيت الحجر فإذا في كل بيت بكاء) "الحجر" بضم الحاء وفتح الجيم، أي حجرات أمهات المؤمنين، أي بيوتهن. وفي البخاري عن ابن عباس قال: "أصبحنا يومًا ونساء النبي صلى الله عليه وسلم يبكين، عند كل امرأة منهن أهلها".
(وكان آلى منهن شهرًا) في رواية للبخاري "وكان قد قال: ما أنا بداخل عليهن شهرًا" ومعنى "آلى" حلف وأقسم.
(واعجبًا لك يا ابن عباس) "وا" في قوله "واعجبًا" اسم فعل بمعنى أعجب، ومثله واهًا، ووى، وعجبًا بالتنوين مصدر مؤكد. وإن كان "عجبًا" بغير تنوين كان "وا" حرف نداء، أو ندبة لغير مندوب، وأصل "عجبًا" عجبي، فأبدلت الكسرة فتحة، فصارت الياء ألفاء كقولهم: يا أسفا ويا حسرتا، وفي رواية "واعجبي لك".
وتعجب عمر من ابن عباس لشهرته بعلم التفسير، كيف خفي عليه هذا القدر مع شهرته وعظمته في نفس عمر، وتقدمه في العلم على غيره، ومع ما كان ابن عباس مشهورًا به من الحرص على طلب العلم، ومداخلة كبار الصحابة وأمهات المؤمنين فيه، أو تعجب من حرصه على طلب فنون التفسير، حتى معرفة المبهم، ووقع في الكشاف، وفي روايتنا الثانية عشرة قول الزهري: كره والله ما سأله عنه، ولم يكتمه.
ويحتمل أنه تعجب من تحرج ابن عباس السؤال عن العلم، وتهيبه من عمر مدة سنة، أي عجبًا لتحرجك من سؤالي فلا تعد لمثلها، ما ظننت أن عندي من علم فسلني عنه، فإن كنت أعلمه أخبرتك.
(وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي) العوالي جمع عالية، وهي قرى بقرب المدينة، مما يلي المشرق، وكانت منازل الأوس، والمعنى كان منزلي في منطقة يسكنها بنو أمية، وهي على أربعة أميال أو أكثر أو أقل من المدينة.