(ما يشق عليك من شأن النساء) "من" بمعنى "بعض" أي لا يشق على نفسك بعض شأن النساء، أو زائدة داخلة على فاعل "يشق" أي لا يشق عليك شأن النساء، أي لا تشغل بالك بعوجهن، ولا تغضب من إساءتهن، فإنهن ناقصات عقل.

(فإن كنت طلقتهن فإن اللَّه معك وملائكته وجبريل وميكائيل، وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك، وقلما تكلمت - وأحمد اللَّه - بكلام إلا رجوت أن يكون اللَّه يصدق قولي الذي أقول، ونزلت هذه الآية، آية التخيير {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن} {وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير}) هذه من موافقات عمر رضي الله عنه، وكان يعتز بها، ويتحدث عنها، كما هنا، وكما جاء عند البخاري وغيره من قوله "وافقت ربي في ثلاث فقلت: لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى؟ فنزلت {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى} وآية الحجاب، قلت: يا رسول الله، لو أمرت نساءك أن يحتجبن؟ فإنه يكلمهن البر والفاجر، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه، فقلت لهن: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن} فنزلت هذه الآية".

قال الحافظ ابن حجر: والمعنى وافقني ربي، فأنزل القرآن على وفق ما رأيت، لكن لرعاية الأدب أسند الموافقة إلى نفسه. اهـ. أقول: أو المعنى وافقت بقولي ما هو ثابت عند الله قبل أن ينزله. ثم قال الحافظ ابن حجر: وقد حصلت له الموافقة في أشياء غير هذه، من مشهورها قصة أسارى بدر، وقصة الصلاة على المنافقين، وهما في الصحيح، وصحح الترمذي من حديث ابن عمر أنه قال: "ما نزل بالناس أمر قط، فقالوا فيه، وقال فيه عمر إلا نزل القرآن فيه على نحو ما قال عمر" وهذا دال على كثرة موافقاته وأكثر ما وقفنا عليه منها على التعيين خمسة عشر، لكن ذلك بحسب المنقول. اهـ.

(وكانت عائشة بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه وسلم) أي تتظاهران، مضارع محذوف إحدى التاءين، أي تدعيان الظهور والسمو والرفعة.

(فلم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه، وحتى كشر) "تحسر الغضب" أي زال وانكشف، و"كشر" بفتح الكاف والشين مخففة، أي أبدى أسنانه تبسمًا، ويقال أيضًا في الغضب. والمراد هنا الأول.

(ثم نزل نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم ونزلت .... فقلت: يا رسول اللَّه، إنما كنت في الغرفة تسعة وعشرين؟ قال: إن الشهر يكون تسعًا وعشرين. فقمت على باب المسجد فناديت ... إلخ)

قال الحافظ ابن حجر: هذا مشكل، فإن ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عقب ما خاطبه عمر، فيلزم منه أن يكون عمر تأخر كلامه معه تسعة وعشرين يومًا، وسياق غيره ظاهر في أنه تكلم معه في ذلك اليوم، وكيف يمهل عمر تسعة وعشرين يومًا لا يتكلم في ذلك؟ وهو مصرح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015