(واللَّه لقد حرمناه) بفتح الراء مخففة، أي منعناه من العسل، يقال: حرمته وأحرمته، والأول أفصح.

(قلت لها: اسكتي) أي لا تثيري هذا الموضوع، خشية أن يفشو ذلك، فيظهر ما دبر من كيد واحتيال.

-[فقه الحديث]-

تتلخص نقاط الحديث الأساسية في ثلاث:

الأولى: الطلاق الثلاث دفعة واحدة، وهل يحسب طلقة؟ أو ثلاثًا؟ وتوجيه الأحاديث الواردة في ذلك.

الثانية: فيمن يقول لامرأته: أنت علي حرام. وهل يكون طلاقًا؟ أو لا؟ وإذا كان طلاقًا هل يكون باتًا كالثلاث أو لا؟ وهل تحريم أي حلال يجعله حرامًا؟ أو هو يمين يكفر؟ أو ماذا؟

الثالثة: سبب نزول قوله تعالى {يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك .... } والآيات والأحكام التي تؤخذ من الحديث.

وهذا هو التفصيل:

النقطة الأولى: قال النووي - بعد أن ذكر الروايات الخمس الأولى: هذا الحديث معدود من الأحاديث المشكلة. اهـ. والإشكال الذي أشار إليه أن جمهور العلماء ينفون بشدة أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أمضى الثلاث واحدة، والحديث في ظاهره يثبت ذلك.

وبظاهره أخذ طاووس وبعض أهل الظاهر، فقالوا: من قال لامرأته: أنت طالق ثلاثًا لا يقع بذلك إلا واحدة، وبهذا القول قال الحجاج بن أرطاة ومحمد بن إسحاق في رواية عنهما. واحتج هؤلاء بظاهر حديث ابن عباس هذا فعملوا بما كان عليه الأمر في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم - حسب فهمهم - وطرحوا ما أمضاه عمر رضي الله عنه.

كما احتجوا بحديث ركانة عند أبي داود، وأخرجه أحمد، وأبو يعلى وصححه عن طريق محمد بن إسحاق، ولفظه "عن ابن عباس قال: طلق ركانة بن عبد يزيد امرأته ثلاثًا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنًا شديدًا، فسأله النبي صلى الله عليه وسلم: كيف طلقتها؟ قال: ثلاثًا في مجلس واحد: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما تلك واحدة، فارتجعها إن شئت. فارتجعها".

كما احتجوا برواية من روايات حديث ابن عمر في طلاقه امرأته وهي حائض - وقد تقدم في الباب السابق - وفيها أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثًا وهي حائض فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم برجعتها، فلو لم يحسبها واحدة ما أمره برجعتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015