(ولأهل اليمن يلملم) بفتح الياء واللامين، ويقال أيضاً: "ألملم" بهمزة بدل الياء وهو الأصل، والياء تسهيل لها، لغتان مشهورتان، وهو جبل من جبال تهامة بينه وبين مكة ما يقرب من ستين كيلو متراً.
هذا. وروايات ابن عباس [الأولى والثانية] ورواية جابر [الثامنة] ترفع صراحة وجزماً واتصالاً هذا الميقات إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
أما روايات ابن عمر [الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة] فهي مرسلة بالنسبة لهذا الميقات خاصة.
(فهن لهن) كان الأصل: هن لهم، أي المواقيت المذكورة لأهل البلاد المذكورة ووقع على الأصل عند بعض رواة البخاري ومسلم، كما في روايتنا الثانية، وكذلك رواه أبو داود وغيره، لكنها عند أكثر الرواة في الصحيحين "هن لهن" ووجهه القاضي: بأن الضمير في "لهن" عائد على المواضع والأقطار المذكورة، وهي [المدينة، والشام، واليمن، ونجد]، أي هذه المواقيت لهذه الأقطار، والمراد: لأهلها، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه. وسيأتي مزيد للبحث في فقه الحديث.
(ولمن أتى عليهن من غير أهلهن) قيل معناه: وهن لمن أتى عليهن مطلقاً سواء أكان له ميقات أولاً، وقيل معناه: وهن لمن أتى عليهن من غير أهلهن إذا لم يكن له ميقات معين، فالعمومان في هذه الجملة والتي قبلها متعارضان، ولا بد من تقييد إحداهما. وسيأتي مزيد للبحث في فقه الحديث.
(فمن كان دونهن فمن أهله) أي فمن كان من أهل بلد أقرب منهن لمكة فإحرامه من مسكنه، ومسكن أهله، وفي الرواية الثانية "ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ" أي ومن كان سكنه دون هذه المواقيت، فميقاته من حيث أنشأ الإحرام، ولا يحتاج إلى الرجوع إلى الميقات ليحرم منه، وهذا خاص بالحاج، أما المعتمر: إذا كان مسكنه في الحل وجب عليه أن يخرج إلى أدنى الحل، وللبحث بقية في فقه الحديث.
(وكذا فكذلك) قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ، وهو صحيح ومعناه: وهكذا فهكذا.
(حتى أهل مكة يهلون منها) يجوز في لفظ "أهل" الجر، على أن "حتى" حرف جر بمنزلة إلى، ويجوز فيه الرفع على أنه مبتدأ، خبره محذوف، تقديره: حتى أهل مكة يهلون من مكة.
(ومهل أهل العراق من ذات عرق) بكسر العين، سمى المكان بذلك لأن فيه عرقاً، وهو الجبل الصغير، وهي أرض سبخة تنبت الطرفاء. قال الكرماني: بالقرب منه بستان، منه إلى مكة ثمانية عشر ميلاً [نحو تسعة وعشرين كيلو متراً] وهل هذا الميقات بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم أو هو بتوقيت عمر رضي الله عنه؟ خلاف يأتي توضيحه في فقه الحديث.