أبو البقاء: هو مصدر بمعنى الإهلال، كالمدخل والمخرج بمعنى الإدخال والإخراج. اهـ ففتح الميم، لكن ابن الجوزي يقول: وإنما يقوله بفتح الميم من لا يعرف. اهـ
(ولأهل الشام الجحفة) بضم الجيم وسكون الحاء، قيل: سميت بذلك لأن السيل أجحفها في وقت، أي جرفها وذهب بها، وهي قرية خربة، بينها وبين مكة نحو مائة وعشرة أميال [نحو مائة وسبعين كيلو متراً] عن طريق المدينة، ولعله خفف على القادمين من بعيد ما لم يخفف على أهل المدينة. والله أعلم.
وكان لأهل الشام إلى مكة طريقان: طريق يمر بالمدينة وطريق الساحل لا يمر بها، وهو الذي سلكه أبو سفيان لما علم بخروج المسلمين إلى بدر، فالطريق الذي يمر بالمدينة ميقاته ذو الحليفة "هن لهن ولمن أتى عليهن" والطريق الآخر -كما جاء في الرواية الثامنة- ميقاته الجحفة. ويقال لها "مهيعة" بفتح الميم وإسكان الهاء، وفتح الياء على وزن علقمة وحكى القاضي عياض عن بعضهم كسر الهاء على وزن لطيفة، والصحيح المشهور إسكانها، وفي الرواية الخامسة "ومهل أهل الشام مهيعة وهي الجحفة" وفي كلام ابن الكلبي ما يفيد أنها كانت تسمى مهيعة، فلما اجتاحها السيل سميت الجحفة.
وعند النسائي من حديث عائشة "ولأهل الشام ومصر الجحفة" والمكان الذي يحرم منه المصريون اليوم يسمى "رابغ" قال الحافظ ابن حجر: وهو قريب من الجحفة. اهـ أو محاذ بها حيث إن المصريين لا يسلكون غالباً طريق الشام نفسه، سواء قدموا جواً أو بحراً.
(ولأهل نجد قرن المنازل) النجد: كل مكان مرتفع، وهو اسم لعشرة مواضع أعلاها تهامة واليمن، وأسفلها الشام والعراق، والمراد هنا أعلاها. و"قرن" قال النووي: بفتح القاف وسكون الراء بلا خلاف بين أهل العلم من أهل الحديث واللغة والتاريخ والأسماء وغيرهم، وغلط الجوهري في صحاحه فيه غلطتين فاحشتين، فقال بفتح الراء وزعم أن أويساً القرني رضي الله عنه منسوب إليه، والصواب إسكان الراء وأن أويساً منسوب إلى قبيلة معروفة، يقال لهم بنو قرن وهي بطن من مراد، القبيلة المعروفة، ينسب إليها المرادي، وبالغ النووي في تغليط الجوهري، لكن حكى القاضي عياض تعليق القابس أن من قاله بالإسكان أراد الجبل، ومن قاله بالفتح أراد الطريق. و"المنازل" جمع المنزل، والمركب الإضافي هو اسم المكان، ويقال له: "قرن" أيضاً بدون إضافة، قال النووي: ووقع في أكثر النسخ "قرن" من غير إضافة، ومن غير ألف بعد النون، وفي بعضها "قرناً" بالألف وهو الأجود، لأنه موضع واسم جبل، فوجب صرفه ويحتمل -على بعد- أن يكون علماً على البقعة، فيترك صرفه. "وقرن المنازل" جبل بينه وبين مكة نحو ستين كيلو متراً، وهو أقرب المواقيت إلى مكة وأبعدها من مكة ذو الحليفة.
قال الحافظ ابن حجر: لأهل اليمن إذا قصدوا مكة طريقان: إحداهما طريق أهل الجبال، وهم يصلون إلى "قرن" أو يحاذونه، فهو ميقاتهم، كما هو ميقات أهل المشرق والأخرى طريق أهل تهامة، فيمرون بيلملم أو يحاذونه، وهو ميقاتهم، لا يشاركهم فيه إلا من أتى عليه من غيرهم.