وقيل: معناه وددت أنني وأزواجي والمتعلقين بالاقتداء بي طوقنا ذلك، ويؤيد هذا التأويل قوله صلى الله عليه وسلم في روايتنا الثامنة والثلاثين "ليت أن الله قوانا لذلك".
(فسكتنا عن ذكر الخميس لما نراه وهماً) "نراه" ضبط بفتح النون بمعنى نعلمه وبضم النون بمعنى نظنه، القائل: فسكتنا" هو الإمام مسلم، وقد رأى أن ذكر الخميس في رواية شعبة وهماً، لأن قوله "ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت فيه" خاص بيوم الإثنين، ولما كانت بقية الروايات بدون ذكر الخميس تركه الإمام مسلم من الرواية. قال النووي: قال القاضي: ويحتمل صحة رواية شعبة، ويرجع الوصف بالولادة والإنزال إلى الإثنين دون الخميس قال النووي: وهذا الذي قاله القاضي متعين.
(ثم أتبعه ستاً من شوال) من القواعد أن العدد يؤنث إذا كان العدد مذكراً من الثلاثة إلى العشرة، فكان الظاهر أن يقول: ثم أتبعه ستة من شوال، لأن المعدود مذكر، والتقدير ستة أيام، لكن من القواعد أيضاً أن ذلك إذا ذكر المعدود مع العدد بأن قيل: ثم أتبعه ستة أيام، حينئذ تلزم التاء في العدد، أما إذا حذف المعدود كما في الحديث جاز الوجهان.
-[فقه الحديث]-
وضع الإمام النووي أحاديث هذا الباب تحت عشرة أبواب:
فوضع الحديث الأول والثاني تحت باب ندب الصائم إذا دعي إلى طعام ولم يرد الإفطار، أو شوتم أو قوتل أن يقول: إني صائم، وأن ينزه صومه عن الرفث والجهل ونحوه.
وقال عن الحديث الأول "إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم" قال: وهو محمول على أنه يقول له اعتذاراً له وإعلاماً بحاله، فإن سمح له ولم يطالبه بالحضور لزمه الحضور وليس الصوم عذراً في عدم إجابة الدعوة، ولكن إذا حضر لا يلزمه الأكل، ويكون الصوم عذراً في ترك الأكل، بخلاف المفطر، فإنه يلزمه الأكل على أصح الوجهين عند الشافعية، وأما الأفضل للصائم فقال أصحابنا: إن كان يشق على صاحب الطعام صومه استحق له الفطر، وإلا فلا، هذا إذا كان صوم تطوع، فإن كان صوماً واجباً حرم الفطر. اهـ
وقد روى البخاري تحت باب من زار قوماً فلم يفطر عندهم عن أنس رضي الله عنه: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أم سليم، فأتته بتمر وسمن، قال: أعيدوا سمنكم في سقائه، وتمركم في وعائه، فإني صائم" كما روي تحت باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ما كان بين سلمان وأبي الدرداء حين صنع أبو الدرداء طعاماً لسلمان "فقال له: كل فإني صائم. قال سلمان: ما أنا بآكل حتى تأكل، فأكل" وفي رواية "فقال: أقسمت عليك لتفطرن" قال الحافظ ابن حجر: فيه جواز الفطر من صوم التطوع، وهو قول الجمهور، ولا يظن أن فطر المرء من صيام التطوع لتطييب خاطر أخيه حتم عليه، بل المرجع في ذلك حال كل منهما. اهـ أي المرجع الظروف والملابسات لكل حالة.