فيها، وهي ليلة ثمان وعشرين وتسع وعشرين وثلاثين، ونقل عن بعضهم أن سرره أوله، وقيل: السرر وسط الشهر، قال الحافظ ابن حجر: ورجحه بعضهم، ووجهه بأن السرر جمع سرة، وسرة الشيء وسطه، ويؤيده الندب إلى صيام البيض، وهي وسط الشهر، وأنه لم يرد في صيام آخر الشهر ندب، بل ورد فيه نهي خاص، وهو آخر شعبان لمن صامه لأجل رمضان.
(فإذا أفطرت فصم يومين) أي إذا أفطرت من رمضان فصم يومين، وفي الرواية الثانية والأربعين "إذا أفطرت رمضان -أي من رمضان كما في الرواية الحادية والأربعين -فصم يوماً أو يومين" شك من الراوي شعبة، والراجح "يومين" وفي الرواية الحادية والأربعين "فصم يومين مكانه" مكان اليوم الذي أفطرته من آخر شعبان، والظاهر أن الرجل كان يعتاد صيام آخر الشهر، فلما سمع النهي عن استقبال رمضان بصوم تركه، فطلب منه أن يقضيه التزاماً بعادته، وسيأتي تتمة لهذا في فقه الحديث.
(عن أبي قتادة: رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم) قال النووي: هكذا هو في معظم النسخ، وعلى هذا يقرأ "رجل" بالرفع، على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي الشأن والأمر رجل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ... إلخ.
وقد أصلح في بعض النسخ إلى "أن رجلاً أتى .... " وكان موجب هذا الإصلاح جهالة انتظام الأول، وهو منتظم كما ذكرته، فلا يجوز تغييره. اهـ
(فقال: كيف تصوم؟ فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال النووي: قال العلماء، سبب غضبه صلى الله عليه وسلم أنه كره مسألته، لأنه يحتاج إلى أن يجيبه، ويخشى من جوابه مفسدة، وهي أنه ربما اعتقد السائل وجوبه، أو اقتصر عليه، أو استقله. وكان حق السائل أن يقول: كم أصوم؟ أو كيف أصوم؟ فيخص السؤال بنفسه، ليجيبه بما تقتضيه حاله، كما أجاب غيره بمقتضى أحوالهم.
(لا صام ولا أفطر) يعني لم يكتب له أجر الصيام، فكأنه لم يصم، وامتنع عن الطعام والشراب في النهار، فهو لم يفطر وقيل: إن الجملة دعاء عليه بعدم استطاعة الصوم وعدم القدرة على الأكل والشرب، والأول أصح.
(ويطيق ذلك أحد)؟ الكلام على الاستفهام الإنكاري بمعنى النفي، أي لا يطيق ذلك أحد مع المداومة والمحافظة على الحقوق والواجبات الأخرى.
(وددت أني طوقت ذلك) "طوقت" بضم الطاء وكسر الواو المشددة، أي جعلني الله أطيق، قيل: معناه. وددت أن أمتي تطوقه، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يطيقه ويطيق أكثر منه، وكان يواصل ويقول "إني لست كأحدكم، إني أبيت عند ربي، يطعمني ويسقيني" وقيل: معناه وددت أن الله أعانني على ذلك مع المحافظة على سائر الحقوق الأخرى لنسائه والمتعلقين به، وأضيافه والوافدين إليه.