كيف جاء ذكر صيام الأبد في هذه القصة، إلا أنه حفظ أن فيها أنه صلى الله عليه وسلم قال: "لا صام من صام الأبد".
(لا صام من صام الأبد) في الرواية السابعة والعشرين تكرير هذه الجملة ثلاث مرات، وفي رواية البخاري "مرتين" والأبد الدهر، وفي معنى الجملة قيل: إنها خبر، أي ما صام كقوله تعالى: {فلا صدق ولا صلى} [القيامة: 31]. ونفى الصوم عنه على معنى أنه لم يكتب له ثوابه، وقيل: إن الجملة دعاء. قال ابن العربي: يا بؤس من أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يصم، ويا بؤس من دعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
(إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونهكت) وفي الرواية التاسعة والعشرين "هجمت عيناك، ونفهت نفسك" ومعنى "هجمت" غارت ودخلت، ومعنى "نهكت" بفتح النون وفتح الهاء وكسرها. أي ضعفت وهزلت، وضبطه بعضهم بضم النون وكسر الهاء، مبني للمجهول، من قولهم: نهكته الحمى، أي أضنته. ومعنى "نفهت نفسك" بفتح النون وكسر الفاء تعبت وكلت.
(وسادة من أدم) بفتح الهمزة والدال، أي جلد مدبوغ.
(صم يوماً ولك أجر ما بقي) أي صم يوماً كل عشرة أيام، ولك أجر التسعة مع اليوم، كما جاء في الرواية السابعة والعشرين.
(صم يومين ولك أجر ما بقي) أي صم يومين من كل عشرة أيام، ولك أجر الثمانية مع اليومين.
(صم ثلاثة أيام ولك أجر ما بقي) أي صم ثلاثة أيام من كل عشرة أيام. ولك أجر السبعة مع الثلاثة.
(صم أربعة أيام ولك أجر ما بقي) أي صم أربعة أيام من كل عشرة، ولك أجر الستة مع الأربعة.
واستشكل هذا التفسير بأنه يؤدي إلى أن الزيادة في العمل تنقص الأجر، لأنه كان يمنح أجر تسعة إذا صام يوماً، فمنح أجر ثمانية إذا صام يومين، وأجر سبعة إذا صام ثلاثة، وأجر ستة إذا صام أربعة.
وأجاب بعضهم بأن المراد لك أجر ما بقي بالنسبة إلى التضعيف، فأجر اليوم الذي يصام يضاعف أضعافاً كثيرة لا يعلمها إلا الله، بخلاف أجر الأيام التابعة له، وبذلك يزيد مجموع الأجر كلما زاد عدد أيام الصوم، فلو فرضنا أن الصوم يضاعف مائة ضعف، والتابع حسنة تضاعف بعشرة أمثالها كان مجموع أجر صوم اليوم مائة وتسعين، وصوم اليومين مائتين وثمانين، وصوم الثلاثة ثلاثمائة وسبعين، وصوم الأربعة أربعمائة وستين.
وأجاب القاضي عياض عن الإشكال بأن الزيادة في العمل لا تنقص الأجر، بل الأجر اتحد في كل