أطيق خيراً من ذلك. قال: لا أفضل من ذلك.
وذلك صيام داود عليه السلام، وخير القيام قيامه، كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه. وسئل صلى الله عليه وسلم عن مؤمن يصوم الدهر كله. قال: لم يصم من صام الدهر، أي لم يصم الصوم المطلوب المحبوب شرعاً من صام الدهر، وسئل عن صوم يومين وإفطار يوم. قال: ومن يطيق ذلك. إن في ذلك مشقة، ولا يحب الله لعبده هذه المشقة، وسئل عن صوم يوم وإفطار يومين. قال: ليت الله قوانا لذلك، وسئل عن صوم يوم الإثنين. فقال: حسن. ذاك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه، وسئل عن صوم يوم عرفة. فقال: يكفر السنة الماضية والباقية، وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: يكفر السنة الماضية، وكان يقول: من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر.
-[المباحث العربية]-
(إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل: إني صائم) الدعوة إلى الطعام قد تكون عند حضور الطعام فعلاً، وقد تكون سابقة عليه كالدعوة إلى الوليمة، وظاهر الحديث أن يقول الصائم للداعي عند دعوته: إني صائم، اعتذاراً له، وإعلاماً بحاله. أما حضوره وأكله فلهما أحكام تأتي في فقه الحديث.
(فلا يرفث ولا يجهل) قال النووي: يقال: رفث بفتح الفاء يرفث بضمها وكسرها، ورفث بكسر الفاء يرفث بفتحها، رفثاً بسكون الفاء في المصدر، وفتحها في الاسم، والرفث السخف وفاحش الكلام والجهل خلاف الحكمة وخلاف الصواب من القول والفعل. اهـ
وفي الرواية الخامسة "ولا يسخب" قال النووي: هكذا هو هنا بالسين، ويقال بالسين والصاد، وهو الصياح، قال القاضي: ورواه الطبري "ولا يسخر" بالراء، قال: ومعناه صحيح، لأن السخرية تكون بالقول والفعل، وكله من الجهل. قال النووي: قلت. وهذه الرواية تصحيف، وإن كان لها معنى.
(فإن امرؤ شاتمه أو قاتله) "إن" هذه تدخل على الفعل، والتقدير: إن شاتمه امرؤ شاتمه، و"امرؤ" فاعل لفعل محذوف، و"شاتمه" المذكورة تفسير للمحذوفة، ولما كانت المفاعلة أصلها الفعل من جانبين فسر "شاتمه" بمعنى تعرض للمشاتمة، فهي من جانب غير الصائم شتم بالفعل، ومن جانب الصائم تأهل وصلاحية لأن يشتم الشاتم عقاباً له، وفي الرواية الخامسة "فإن سابه أحد" مفاعلة أيضاً من السب وهو الشتم. أما "قاتله" فمعناه نازعه ودافعه.
وفي رواية "وإن شتمه إنسان فلا يكلمه" وعند أحمد "فإن سابه أحد أو ماراه" أي جادله، وعند ابن خزيمة "فإن شاتمك أحد فقل: إني صائم، وإن كنت قائماً فاجلس"، وعند الترمذي "وإن جهل على أحدكم جاهل وهو صائم فليقل: إني صائم" وعند النسائي "وإن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه".