فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدق بهذا" أي أين الذي وصف نفسه بالمحترق منذ قليل؟ وقال العيني: يدل على أنه كان عامداً، لأنه صلى الله عليه وسلم أثبت له حكم العمد، وأثبت له هذا الوصف، إشارة إلى أنه لو أصر على ذلك لاستحق ذلك. اهـ وفيه نظر، لأن ثبوت هذا الوصف لا يعلمه إلا الله.
(قال: أفقر منا؟ فما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا)؟ أي أتصدق به على أفقر منا؟ وفي روايتنا السادسة "أغيرنا" فوالله إنا لجياع، ما لنا شيء"، قال النووي: "أفقر" كذا ضبطناه بالنصب، وكذلك نقل القاضي أن الرواية فيه بالنصب، على إضمار فعل تقديره، أتجد أفقر منا؟ أو أنعطي أفقر منا. قال: ويصح رفعه على تقدر: هل أحد أفقر منا؟ ثم "أغيرنا" كذا ضبطناه بالرفع، ويصح الكلام على ما سبق. هذا كلام القاضي، وقد ضبطنا الثاني بالنصب أيضاً، فهما جائزان، كما سبق توجيههما. اهـ.
وفي رواية الطبراني "إلى من أدفعه؟ قال: إلى أفقر من تعلم" وفي رواية "أعلى أفقر من أهلي؟ " وفي رواية "أعلى أهل بيت أفقر مني؟ " وفي رواية "أعلى أحوج منا"، وفي رواية "ما أحد أحق به من أهلي". "ما أحد أحوج إليه مني"، وفي رواية "والله ما لعيالي من طعام"، وفي رواية "ما لنا عشاء ليلة" "واللابتان" تثنية "لابة" واللابة "الحرة" بفتح الحاء وتشديد الراء المفتوحة، وهي الأرض ذات الحجارة السود، والمدينة تقع بين حرتين. وفي رواية "ما بين حرتيها"، وفي رواية "والذي نفسي بيده ما بين طنبي المدينة" تثنية "طنب" بضم الطاء والنون، جمعه أطناب، والخيمة لها أطناب، واستعاره للطرف.
(حتى بدت أنيابه) قال الحافظ ابن حجر: في رواية إسحق "حتى بدت نواجذه" والنواجذ الأضراس، وفي رواية "حتى بدت ثناياه" والثنايا الأسنان. قال الحافظ: ولعلها تصحيف من "أنيابه" فإن الثنايا تظهر بالتبسم غالباً؛ وظاهر السياق إرادة الزيادة على التبسم.
وقال: قيل: إن سبب ضحكه صلى الله عليه وسلم كان من تباين حال الرجل، حيث جاء خائفاً على نفسه راغباً في فدائها مهما أمكنه، فلما وجد الرخصة طمع في أن يأكل ما أعطيه من الكفارة، وقيل: ضحك من حال الرجل في مقاطع كلامه، وحسن تأتيه، وتلطفه في الخطاب، وحسن توسله في توصله إلى مقصوده. اهـ ولا مانع من أن يكون كل هذا سبباً.
(اذهب فأطعمه أهلك) في الرواية السادسة "فكلوه"، وفي رواية "خذها وكلها وأنفقها على عيالك" وفي رواية "عد به عليك وعلى أهلك".
(أن يعتق رقبة أو يصوم) قال النووي: لفظة "أو" هنا للتقسيم" لا للتخيير، تقديره: يعتق، أو يصوم إن عجز عن العتق، أو يطعم إن عجز عنهما.
وسيأتي الكلام على ترتيب الكفارة في فقه الحديث.
(تصدق. تصدق) قال النووي: هذا التصدق مطلق، وجاء مقيداً في الروايات الأخرى بإطعام ستين مسكيناً، ستين مداً خمسة عشر صاعاً. اهـ.