والمتصدق" وصوابه "المتصدق والبخيل"، ومنها "كمثل رجل"، وصوابه "رجلين عليهما جنتان". ومنها قوله: جبتان أو جنتان" بالشك، وصوابه "جنتان" بالنون بلا شك. اهـ.
وقال النووي: في هذا الكلام اختلال كثير، لأن قوله: "تجن بنانه وتعفو أثره "إنما جاء في المتصدق، وفيه رواية بعضهم "تحز ثيابه" بالحاء والزاي، وهو وهم، والصواب رواية الجمهور "تجن" بالجيم والنون، أي تستر، وفيه رواية بعضهم "ثيابه" بالثاء، وهو وهم، والصواب "بنانه" بالنون، وهو رواية الجمهور، كما قال في الحديث الآخر "أنامله". اهـ.
(أما بعد) فإن هذه الأوهام -بحمد الله- ظاهرة لا تؤثر في بيان المراد من الحديث، وربما كان سببها جزالة التمثيل وعمق ألفاظه ومعانيه. والله أعلم.
الرواية (43)
(قال رجل) قال الحافظ ابن حجر: لم أقف على اسمه، وعند أحمد أنه كان من بني إسرائيل.
(لأتصدقن الليلة بصدقة) في الكلام قسم مقدر، كأنه قال: والله لأتصدقن، فاللام في جواب القسم، والظاهر أنه من قبيل إنشاء الالتزام كالنذر.
(فوضعها في يد زانية) وهو لا يعلم أنها زانية.
(فأصبحوا يتحدثون) جملة "يتحدثون" خبر "أصح" والمراد بهم القوم الذين يعيش هذا المتصدق بينهم، ولعلهم كانوا يعلمون بقسمه، وعلموا عن طريق المرأة أنه تصدق عليها، ولعلهم تابعوا خطواته حتى أعطي، فأصبحوا يتحدثون، وبلغه الحديث.
(تصدق الليلة على زانية) "تصدق" بالبناء للمجهول، والجملة تجري مجرى التعجب من هذا الفعل.
(قال: اللهم لك الحمد على زانية) أي قال بعد أن علم حديثهم، و"اللهم" منادى على وجه الدعاء، و"لك الحمد" يفيد القصر، طريقه تقديم ما حقه التأخير، أي لك الحمد، لا لغيرك، أي وليس لي، حيث كان ذلك بإرادتك لا بإرادتي، وقد ظن بعض العلماء أن الحمد لا يكون إلا على أمر جميل، فجعل الجملة تعجباً بإجراء الحمد مجرى التعجب من قبيل تعظيم الله عند رؤية شيء عجيب، كما يقال: سبحان الله عند مشاهدة ما تعجب منه. قال الطيبي: لما قالوا: تصدق الليلة على زانية متعجبين، تعجب هو أيضاً من وقوع ذلك منه. قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أنه سلم ورضي بقضاء الله تعالى، فحمد الله على تلك الحال غير الجميل، والله محمود على كل حال، لا يحمد على مكروه سواه، وقد ثبت: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ما لا يعجبه قال: "اللهم لك الحمد على كل حال".
(لأتصدقن بصدقة) التزام بإعادة التصدق، حيث رأى أن الأولى لم تقع موقعها.