(تغدو بعس وتروح بعس) "العس" بضم العين وتشديد السين القدح الكبير، وضبط بكسر العين وفتحها. قال النووي: وهذا هو الصواب المعروف وروى "بعشاء". قال القاضي: وهذه رواية أكثر رواة مسلم. وروى "بعساء" بالسين المهملة، وفسر بالعس الكبير. والغدو أول النهار، و"الرواح" آخره، والمقصود حث الأغنياء بمنح الفقراء ناقة لمدة تعطيهم في الصباح قدحاً كبيراً من اللبن، وفي المساء مثله.

(إن أجرها لعظيم) أي إن أجر هذه المنيحة لعظيم لمن منح.

(عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى) أي نهى عن كذا وكذا. فذكر خصالاً منهياً عنها، وقد عرف عن أبي هريرة أنه كان يجمع أحاديث في حديث واحد.

(من منح منيحة غدت بصدقة وراحت بصدقة صبوحها وغبوقها) المنيحة والمنحة العطية، وتكون في الحيوان وفي الثمار وغيرهما. قال النووي: وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم منح أم أيمن عذاقاً، أي نخلاً، قد تكون المنيحة عطية للرقبة بمنافعها، وهي الهبة، وقد تكون عطية اللبن أو الثمرة مدة، وتكون الرقبة باقية على ملك صاحبها، ويردها إليه إذا انقضى اللبن أو الثمر المأذون فيه.

"والصبوح" بفتح الصاد الشرب أول النهار، "والغبوق" بفتح الغين الشرب أول الليل. والصبوح والغبوق منصوبان على الظرفية. وقال القاضي عياض: هما مجروران على البدل من قوله: "صدقة". قال: ويصح نصبهما على الظرف.

الرواية (40، 41، 42)

(مثل المنفق والمتصدق) قال النووي: هكذا وقع هذا الحديث في جميع النسخ "مثل المنفق والمتصدق" قال القاضي وغيره: هذا وهم، وصوابه مثل ما وقع في باقي الروايات "مثل البخيل والمتصدق" وتفسيرهما آخر الحديث يبين هذا. قال: وقد يحتمل أن تكون على وجهها وفيها محذوف، تقديره مثل المنفق والمتصدق وقسيمهما وهو البخيل، وحذف البخيل لدلالة المنفق والمتصدق عليه، كقول الله تعالى: {سرابيل تقيكم الحر} [النحل: 81] أي والبرد، فحذف ذكر البرد لدلالة الكلام عليه. و"المتصدق" وقع في بعض الأصول "والمصدق" بقلب التاء صاداً وتشديد الصاد. وهما صحيحان.

(كمثل رجل عليه جبتان أو جنتان) قال النووي: "كمثل رجل" بالإفراد، والظاهر أنه تغيير من بعض الرواة، وصوابه "كمثل رجلين"، وأما قوله: "جبتان أو جنتان" فالأول بالباء والثاني بالنون، ووقع في بعض الأصول عكسه. اهـ و"أو" للشك، "والجبة" بضم الجيم وتشديد الباء ثوب معروف، "والجنة" بضم الجيم وتشديد النون هي الدرع، وقد جاءت بعض الروايات بدون شك "جبتان" بالباء كما عند البخاري، و"جنتان" بالنون بدون شك، كما في الروايتين "41، 42" وهي الأصوب إذ المراد منها الدروع، وسميت بذلك لأنها تجن صاحبها أي تحصنه، والجبة بالباء لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015