الأول: معناه فضة مذهبة، فهو أبلغ في حسن الوجه وإشراقه. والثاني: شبهه في حسنه ونوره بالمذهبة من الجلود، وجمعها مذاهب، وهي جلود كانت العرب تجعل فيها خطوطاً مذهبة يرى بعضها إثر بعض. اهـ.

وعلى أي حال مراد الراوي المبالغة في تهلل وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم سروراً، وسبب هذا السرور ما رآه من مبادرة المسلمين إلى طاعة الله تعالى وبذل أموالهم، وامتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولدفع حاجة هؤلاء المحتاجين وشفقة المسلمين بعضهم على بعض، وتعاونهم على البر والتقوى.

(أمرنا بالصدقة) في رواية البخاري "لما نزلت آية الصدقة". قال الحافظ ابن حجر: كأنه يشير إلى قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} [التوبة: 103] الآية.

(كنا نحامل) وفي ملحق الرواية "كنا نحامل على ظهورنا" أي نحمل على ظهورنا أمتعة الغير بالأجرة، فالمفاعلة ليست من الجانبين، بل بمعنى نفعل كنسافر. وقال الخطابي: يريد نتكلف الحمل بالأجرة لنتكسب ونتصدق به. اهـ ويؤيده رواية البخاري، وفيها "انطلق أحدنا إلى السوق فيحامل" أي يطلب الحمل بالأجرة، ليتصدق من تلك الأجرة أو يتصدق بها كلها. والمتحدث أبو مسعود يحكي عن نفسه وعن بعض الفقراء من أصحابه، وفي رواية له عند البخاري "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق فتحامل فيصيب المد، وإن لبعضهم اليوم -أي بعد ما وسع الله عليهم لكثرة الفتوح- لمائة ألف، كأنه يعرض بنفسه".

(فتصدق أبو عقيل بنصف صاع) في رواية البخاري "فجاء رجل فتصدق بشيء كثير. فقالوا: مراء. وجاء رجل فتصدق بصاع، فقالوا: إن الله لغني عن صاع هذا". قال الحافظ ابن حجر: وأبو عقيل بفتح العين، وحصل الصاع أجرة على نزح من البئر بالحبل.

(وجاء إنسان بشيء أكثر منه، فقال المنافقون: إن الله غني عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخر إلا رياء) فسر الذي تصدق بالشيء الكثير بعبد الرحمن بن عوف، وقد تصدق بثمانية آلاف، وقيل: بأربعة آلاف.

(فنزلت {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم}) [التوبة: 79]. أي يلمزون المطوعين بالكثير، ويلمزون الفقراء الذين لا يجدون إلا القليل. واللمز الغمز وإشارة السخرية.

(عن أبي هريرة يبلغ به) أي يبلغ بالحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أي يرفعه إليه.

(ألا رجل) حض وحث على الفعل، أي أحث رجلاً عنده إبل ونوق.

(يمنح أهل بيت ناقة) المنيحة العطية، سواء كانت للرقبة بمنافعها مؤبدة مثل الهبة، أم كانت للمنافع فقط ولمدة، كناقة أو عنزة تعطى للفقير مدة يشرب منها لبنها ثم يردها لصاحبها، وهي المقصودة هنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015