إليك المانع لما وراء ظهره. قال النووي: فأشاح هنا يحتمل هذه المعاني، أي حذر النار كأنه ينظر إليها، أوجد في الإيضاح بإبقائها، أو أقبل إليك خطاباً، أو أعرض كالهارب. اهـ.

(مجتابي النمار أو العباء) قال النووي: "النمار" بكسر النون جمع نمرة بفتحها، وهي ثياب من صوف فيها تنمير، والعباء بالمد وبفتح العين جمع عباءة وعباية لغتان. وقوله: "مجتابي النمار" أي خرقوها وقورواً وسطها. اهـ وفي لسان العرب: اجتبت القميص إذا لبسته، واجتاب فلان ثوباً لبسه، وفي الحديث "أتاه قوم مجتابي النمار" أي لابسيها. والنمرة بردة من صوف يلبسها الأعراب. اهـ فالمعنى -والله أعلم- أن هؤلاء القوم لم تكن عليهم ثياب، وكانوا يلتحفون ويلتفون وتغطى أجسادهم النمار الصوف. و"مجتابي" منصوب على الحال من "قوم" بعد وصفه بحفاة عراة.

(فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي تغير، غضباً وشفقة وحسرة.

(لما رأى بهم من الفاقة) أي للذي رآه بهم من مظاهر الفقر التي عبر عنها الراوي "بحفاة عراة مجتابي النمار"، وكما جاء في ملحق الرواية "عليهم الصوف، فرأى سوء حالهم، قد أصابتهم حاجة".

(فدخل ثم خرج) أي دخل بيته من المسجد ثم خرج إليه، ولعله دخل يسأل عما يمكن أن يجده من عطاء.

{(اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة) وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً} [النساء: 1] وهذه الآية واضحة في الحث على الصدقة عليهم، وفيها تأكيد لحقهم لكونهم إخوة.

(تصدق رجل من ديناره) خبر في معنى الأمر. أي ليتصدق رجل من ديناره ... إلخ.

(فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها) الظاهر أن الصرة كان بها طعام أو ثياب، لظاهر قوله بعد: "كومين من طعام وثياب"، ولو كانت من دراهم ودنانير لأغنت عن الكومين، ولذكرت. وقوله: "كومين" بفتح الكاف وضمها، وقيل: بالضم اسم للشيء المجموع، وبالفتح المرة الواحدة. قال ابن سراج: والكومة بالضم الصبرة والكوم العظيم من كل شيء، والكوم المكان المرتفع كالرابية. قال القاضي: فالفتح هنا أولى، لأن مقصوده الكثرة والتشبيه بالرابية.

(حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة) قال النووي: ضبطوه بوجهين، أحدهما وهو المشهور، وبه جزم القاضي والجمهور: "مذهبة" بذال معجمة وفتح الهاء وبعدها باء موحدة، -أي مع ضم الميم. والثاني: "مدهنة" بفتح الميم وبدال مهملة، وضم الهاء وبعدها نون، وفسرت -إن صحت- بالإناء الذي يدهن فيه، أو بالنقرة في الجبل يستجمع فيها ماء المطر، فشبه صفاء وجهه الكريم بصفاء هذا الماء، أو بصفاء الدهن والمدهن. قال القاضي عياض وغيره من الأئمة: هذا تصحيف، وهو بالذال المعجمة والباء الموحدة، وهو المعروف في الروايات، وتفسيره على وجهين:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015